انتقد اقتصاديون دور هيئة الاستثمار في تحقيق أهداف الاستثمار الأجنبي، وحملوها مسؤولية تحويل العمالة المتسترة إلى نظامية تحت غطاء الاستثمار الأجنبي. وكشف الخبراء ل» الشرق»عن أن نحو 75 – 78% من المستثمرين الأجانب يعملون في قطاع التجزئة أوالمشروعات الصغيرة والمتوسطة. ووصفوا تجربة الاستثمار الأجنبي خلال السنوات الماضية ب»المحبطة»- من وجهة نظرهم-. بديل للتستر ناصر القرعاوي يرى الخبير الاقتصادي رئيس المركز السعودي للدراسات والبحوث ناصر القرعاوي، أن الهدف من الاستثمار الأجنبي هو جلب التقنية قبل رؤوس الأموال، وقال إن تزامن صدور نظام الاستثمار الأجنبي مع الانفتاح الاقتصادي على الأسواق العالمية، كان يهدف إلى أن تكون الشراكة الأجنبية من أجل نقل وتوطين التقنية العالمية في الأوعية الاقتصادية للمملكة، ولكن مع الأسف تم استغلال هذا النظام بشكل سيئ جدا. وأوضح أن من كانوا يعملون تحت غطاء التستر في فترة ما قبل نظام الاستثمار الأجنبي خرجوا ليصبحوا مستثمرين بشكل رسمي، أي «خرجوا من النوافذ إلى الأبواب»، وبالتالي لم تحقق هيئة الاستثمار العائد المطلوب من الاستثمار الأجنبي كما يجب أن يكون عليه الحال بعد هذه السنوات الطويلة، وكل ما فعلته هي أنها شرعت رسميا الأموال المستثمرة تحت غطاء التستر وأصبحت هذه الأموال تعمل في وضح النهار بصفة رسمية، إضافة إلى أنها لم تقدم لنا التقنية التي كنا نبحث عنها وهي التقنية المتطورة. تجربة فاشلة وأضاف القرعاوي أنه حسب الإحصائيات فإن 75% – 78% من المستثمرين الأجانب يعملون في قطاع التجزئة أو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي نافسوا بها القطاع الخاص السعودي، مؤكدا على أن الاستثمار الأجنبي يجب أن يكون بعيدا عن هذه القطاعات، قائلا يجب أن يأتي الاستثمار الأجنبي من أعلى القمم وبمشروعات ضخمة، فنحن بحاجة إلى مشروعات مكملة لمنتجات مصانعنا مثل منتجات سابك ومنتجات المشروعات التي تعطينا بنسبة 50% – 70% من المواد الأولية القابلة للتصنيع، كما يجب أن ينقل الاستثمار الأجنبي مستوى معينا من التقنية كتقنية النانو، أو المشروعات التي تدر على البلد قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتخلق فرصا وظيفية للعمالة الوطنية. وأشار إلى أن ما هو حاصل الآن ليس خلق فرص وظيفية بل خنق للاقتصاد وخنق للعمالة الوطنية، إذ سيطر الاستثمار الأجنبي على تجارة التجزئة في المملكة، مفيدا أن90% من الحركة التجارية في المملكة تسيطر عليها العمالة الأجنبية، وبالتالي لم يجد المواطن فرصته للعمل، ووصف تجربة في الاستثمار الأجنبي خلال السنوات الماضية بالفاشلة – من وجهة نظره- وستظل كذلك في حال استمرت على ما هي عليه. 10 % فقط من الهدف د. محمد القحطاني من جهته، اتفق الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني مع القرعاوي في أن الاستثمار الأجنبي لم يحقق الغاية منه وهي توظيف الكوادر الوطنية ونقل التقنية الحديثة، مؤكدا أن ما تحقق من هذا الاستثمار لا يتجاوز 10%، وعرّف الاستثمارات الأجنبية المنشودة بأنها الاستثمارات ذات رؤوس الأموال الضخمة كالاستثمار في تقنية الغاز أو البترول أو التكنولوجيا، أي الاستثمارات الأجنبية التي تأتي ومعها اللغة والمعرفة، التي تكون قد حققت نجاحات على مستوى الاقتصاد القومي لبلدانها، وأيضا تلك الاستثمارات التي تحتاج إلى تنمية بشرية كبيرة. وضوح الرؤية وأعرب عن أسفه أن الاستثمارات الأجنبية دخلت في الأعمال الصغيرة والمتوسطة وفي قطاع المأكولات والمشروبات والملبوسات وجميع قطاعات التجزئة، مؤكدا أن عدم تدخل هذه الاستثمارات في قطاع التجزئة سيحل مشكلة البطالة بنسبة 70- 80%، ودعا القحطاني هيئة الاستثمار إلى التنسيق مع وزارة الاقتصاد لمعرفة ماذا تريد المملكة أن تصبح خلال السنوات العشر المقبلة. المال ليس هدفا د. وليد هاشم فيما شدد عضو لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الشورى الدكتور وليد هاشم، على ضرورة انتقاء نوع الاستثمار الأجنبي، وقال إن الاستثمار الأجنبي ذو منافع، ولكن هذه المنافع لا تتحقق إلاّ إذا كنا حريصين على انتقاء نوعيته وفي فرض شروط عليه، موضحا أن أهم أهداف الاستثمار الأجنبي هو نقل التقنية وتدريب المواطنين عليها، بيد أن الحاصل هو أننا قمنا بجذب عشرات المليارات من الدولارات للاستثمار في وطننا، وهذا ما ليس لنا حاجة به، فنحن نملك آلاف المليارات من الدولارات، والإغراءات والتسهيلات التي مُنحت لها، كان من الأولى منحها لرجال أعمال سعوديين. انتقاء الاستثمارات وتمنى هاشم أن يكون الاستثمار الأجنبي في مجال التقنية والتدريب والتأهيل، فلدينا كم هائل من الشباب والشابات خريجي المراحل العلمية المتقدمة، ولابد من توفير وظائف تسمح لهؤلاء الشباب والشابات بحياة كريمة ودخل معقول، وهذا لن يترتب إلا إن كانت وظائف تحتاج إلى مهارة عالية، وليست وظائف مهنية عادية، مستطردا لا عيب في وظائف السباكة والنجارة وأي عمل شريف لا عيب فيه، ولكن نحن في اقتصادنا لابد أن نأمل بالأعلى والأفضل، وبما أنه اقتصاد يتهافت له العالم بأكمله فلابد أن ننتقي من يأتي إلينا وأن نحرص على أن يكون الاستثمار الأجنبي ليس لجذب الأموال وإنما من أجل تدريب المواطنين وتأهيلهم. تقنية منقولة لبلدان أخرى د.عبد الرحمن السلطان من جهة أخرى يرى الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن السلطان أن الاستثمارات الأجنبية لم تحقق الغاية منها، مؤكدا على ضرورة أن يكون هناك تحديد واضح للهدف الذي نسعى إليه من خلال الاستثمار الأجنبي، وقال إن الهدف من الاستثمار الأجنبي ليس حجم الاستثمارات نفسها ولكن الحصول على التقنية وخلق فرص وظيفية، إلاّ أن هذه الأهداف لم تتحقق، مبينا أن تحقق الهدف الثاني مرتبط بالأول فإذا لم توظف العمالة المواطنة، فإن التقنية تصبح منقولة للدول التي تنتمي إليها العمالة الموظفة أي أن هذه العمالة سوف تعود إلى بلدانها بالتقنية الحديثة والمعرفة والمهارة التي تكتسبها. مميزات لا محدودة وأشار السلطان إلى أن معظم الاستثمارات التي لها علاقة بهيئة الاستثمار عبارة عن متسترين وعمالة كانت تعمل بالتستر وتحولت إلى مستثمرين أجانب، ورأى أن معظم انجازات الهيئة في مجال الاستثمار الأجنبي هي فقط مجرد عمالة تعمل في المملكة بالتستر ثم صُححت أوضاعهم وأصبحوا بدلا من مخالفين للقانون ومطاردين مستثمرين أجانب تُقدم لهم الخدمات، والعديد منهم أصبحوا يتاجرون بتأشيرات العمل الممنوحة لهم ويأخذون مميزات أعلى بكثير من المميزات التي يحصل عليها المستثمر الوطني.