يتندرون فى مصر على «طبق الفول» الأشهر قائلين: «إن خلص الفول أنا غيرمسئول».. وقالوا أيضا: «مصر هبة الفول» هكذا ينظر المصريون لهذا الطعام، الذى صاحبهم منذ عصور أجدادهم الفراعنة، حتى أن كلمة «المدمس» ليست عربية، فأصلها (متيمس) وترجع إلى «الهيروغليفية» اللغة المصرية القديمة فقد عرف المصريون القدماء الفول المدمس، وكانوا يدفنون القدور في المستوقدات بعد اشتعال النيران فيها، ومازال المصريون يتبعون هذه الطريقة، التى تعرف بالفول «المطمور». وبرغم عبارات التندر على طبق الفول، الذى يتهمونه أحيانا بأنه يسبب البلادة والكسل، إلا أن المصريين لا يمكنهم الاستغناء عنه، ولا تكاد تخلو مائدة إفطار منه صيفا أو شتاء، والطريف أيضا أنه ينافس الأطباق الشهيرة على مائدة إفطار رمضان، بينما يتصدر وحده تقريبا مائدة السحور، لقدرته على صد الجوع على مدار اليوم. وبحانب محلات الفول والطعمية الكبيرة، التى تحولت إلى سلاسل شهيرة، لا يكاد يخلو شارع فى القاهرة والإسكندرية والمدن الأخرى، من عربات الفول التى تجرها الحمير، وهى محملة بقدور الفول و(البليلة)، بينما تعلو صيحات الباعة ونداءاتهم التى تجمع بين الطرافة وروح الدعابة مثل: (تعال بص لتخس النص) و«إلحق نصيبك يابو العيال» و«الفول اللوز»، وغيرها من النداءات المبتكرة. ابراهيم النجار بائع فول متجول يقول: تدميس الفول صناعة لها أصولها وأسرارها، لذلك يختلف لونه وطعمه ورائحته من بائع لآخر، لكن أفضل الأنواع هو الفول «المطمور»، الذى يتم انتاجه فى «المستوقد»، الذى كان فى أحد مشاهد فيلم عادل إمام «شعبان تحت الصفر». يضيف: كل بائع متجول يحتكر بضعة شوارع، لاينافسه فيها أحد، يطوف فيها بعربته ينادي على الفول كل صباح، لكننا فى رمضان الخير، نجوب الشوارع مرتين يوميا.. قبل الافطار وبعده، فهناك من يشترى الفول لإفطاره، خاصة فى المناطق الفقيرة، بينما يعد الطبق الأساسى على موائد غالبية الشعب المصرى فى السحور. أطباق الفول والأكلات الفولية عديدة، فقد ابتكر المصريون أطباقاً بالغة التنوع لتناسب كل الأذواق كما يقول الشيف أحمد رؤوف أشهرها طبق الفول بالصلصة، والفول بالزبدة، وطاجن الفول بالبيض، وطاجن الفول بالخضراوات، والفول بالطحينة والباذنجان.. مرورا بطبق الفول (بالدقة) بالثوم والبهارات وهو الطبق الأساسي من أطباق الفول، و«الشكشوكة» المضاف إليه شرائح الفلفل الرومي ومكعبات الطماطم والبصل والبيض المسلوق واللحم المفروم الناضج، و« الفول الاسكندراني، بشرئح البصل الرقيقة مع البقدونس الأخضر، وهناك فول بالبسطرمة والبيض. مسمار البطن وطبق الفول برغم بساطته يمثل قيمة غذائية عالية ووجبة مكتملة العناصر الغذائية، كما يقول د. رأفت الطويل أستاذ علوم الأغذية بالمعهد القومى لتكنولوجيا التغذبة، فمكوناته غنية بالبروتين النباتي والدهون والكاربوهيدرات والأملاح والألياف، التى تسهم في إرخاء العضلات، والأنزيمات التى يحتويها تساعد على توقد الذهن، بجانب أن من يتناوله لا يشعر بالجوع لفترة طويلة، لذلك يسميه المصريون «مسمار البطن». لحم الفقراء ولأن الفول يحتوي على نسبة عالية من البروتين النباتى، فقد بات يحمل لقب «لحم الفقراء» وتزيد قيمته الغذائية اذا تناولنا معه البيض أو الجبن، وفى هذه يوفر للجسم أكثر من نصف ما يحتاج إليه من دهون في اليوم.