مضى ردح من الزمن على تعيين صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أميراً على منطقة نجران في هذه المنطقة الواسعة بسهولها وجبالها وأوديتها التي تفوح منها رائحة التاريخ القديم بمآثره وأحداثه. جاء الأمير الفذ فأعاد الطمأنينة إلى نفوس مواطنيها وسعى إلى التقريب بينهم وبحث احتياجاتهم والنظر في طلباتهم وساهم بوقته وجهده في رفع الظلم ورفع لواء العدل وجاهد في سبيل تنمية المنطقة، فأضاء الطريق وطوى صفحة الماضي بما فيها من تشويه وسلبيات، فعفا عن المسيء وترفع عن الجهل والجهالة وسبر غور الأحداث. فاتضحت له معالمها ومسبباتها فعفا وأصلح وكللها بجهود سموه في إطلاق سجناء احداث نجران بمبادرة من سموه، ومنة وكرما من خادم الحرمين الشريفين الذي كان له الفضل الأول بعد الله في رفع لواء العدل والإنصاف وخدمة مواطنيه أينما كانوا وحيثما يقيمون، إنه العدل في ازهى صوره، وفي ابهى معانيه، ملك متوج بقلوب مواطنيه أغدق العطاء فأمتدت الأيدي إلى السماء داعية متضرعة أن يمد الله في عمره ويبقيه سنين عديدة لمواطنيه، يرفع عنهم البلاء ويغدق لهم العطاء ويسهر على أمنهم وراحتهم. هذه المملكة الفتية التي تأسست على المحبة وتسامح العقيدة ومنهج الرسل وسنن الأنبياء، كأني أرى جموع أهالي نجران وقد جاؤوا بقلوب ملؤها الإيمان والطاعة لولاة الأمر وقد عاهدوا الله على ولائهم لمليكهم وقادتهم بعد هذه المكرمة التي حفظتها سجلات التاريخ ولقنها الرجال لأبنائهم جيلاً بعد جيل. إنها والله تلاحم الشعب مع قادته، وكيف لا وقد أمر خادم الحرمين الشريفين بإطلاق سجناء كان قد حكم على عدد منهم بالإعدام، ولسنا هنا في بحث أسبابه لكننا نظهر وعلى الملأ أن هذا الوطن صنيع قادته، وما جزاء الإحسان الإ الإحسان، وأي إحسان أكبر من العفو عن سجناء قادتهم مصائبهم إلى حبل المشنقة. كأن التاريخ يعيد نفسه حين أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم مقولته المشهورة في عقر دار قريش وهو المنتصر "اذهبوا فأنتم الطلقاء" فها هو ذا خادم الحرمين الشريفين يقتدي بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وتتربع صورته في كل بيت لينمو الصغير على رؤيته وتتشبع النفوس بقسمات وجهه وترفع له التحية مع شروق الشمس وعند المغيب. ألهبت حماسة الرجال طاعته فرقى به فعله إلى مصاف العظماء.