لا أعرف هذا الشاعر ( لافي الغيداني ) ولم يسبق لي الالتقاء به . شاهدته لأول مرة من خلال الشاشة في مهرجان مزاين قبيلة حرب لكن شاعراً بمستوى لافي الغيداني لا يمكن أن يمر دون أن تسأل عنه وتسأل .. ثم تسأل . كان الإصدار الصوتي الذي ضم عدداً من قصائده قد فسح لنا مجالا أوسع للتعرف أكثر على هذا الشاعر .. شاعر عنده ملكة الإبداع بكل ما تعني مثلما يمتلك فلسفته الخاصة التي لا يقدر عليها إلا هو في شعره والتي قد تختلف عما ذهب إليه في وصفه. فلسفة وصفه فصيح أحروفها ملتوته وصفه أرواية أتهمش فلسفة راويها لاشتغل بشويش راع الصنف هذا موته يكتب أبيوت القصايد فيه ويغنيها اقرب الأشياء لصوته حاجة ممقوته جايز لي وصفها لو ماني براضيها كن صوته صوت سربوت بإذن سربوته . مرخي صوته بإذن صاحبته إيخاليها يجمع بين الأصالة بأدواتها العتيقة ولغة العصر بمفرداتها الحديثة يضاف إليها حضوره المسرحي الطاغي وخامة صوته النادرة . توقفت عند بيتين للشاعر أشكلا علي بداية الأمر ضمن قصائده التي وصلتني قال في الأول نقوة مغاتير( علي الملازيم ) أثمانها ما هي عليها غميضة سألت فضيلة الشيخ حمود المخلفي كاتب العدل بكتابة عدل بريدة الأولى في حديث عابر عندما اتهمته ولا زلت اتهمه بتعاطي الشعر والنقد خفية ومن خلف الكواليس . فأكد لي أن مثل هذا البيت يعتبر نهجاً متعارفاً عليه يطرقه العديد من الشعراء ولا يحسب من الحلف أو اليمين المحذور وهنا اتضحت الرؤية وأدركت أن ما جاء في البيت الآخر : ولا لك إلا ترك فجوة ألفرصه المسحوته رح لبوها ( طرانزيت ) وقل تراي أبيها وان عطاكياها يملك لك عليها الهوته والمعونه والمه يا بدر واعطيكيها إنما جاء أيضا من منطق فهمنا العام لهذه العبارة المتداولة ( طرانزيت ) خلاف ترجمتها الحقيقية في ( لغة الملاحة ) والتي تعني التوقف عند عدد من محطات الوصول وعكسها ( دايركت ) أو الرحلات المباشرة . ما نحن بصدده هو أن العديد من جماهير لافي الذين اعتادوا سماع قصائده بصوته المميز لم يروق لهم الطريقة التي أخرج أو خرج بها احد إصداراته الصوتية باستخدام خلفيات إنشادية تسويقية شوشت عليهم حالة الاستمتاع حتى وان كانت من أعذب المنشدين وقد يكونون محقين بذلك على اعتبار أن لافي بحد ذاته يعتبر مشروع ( ملقي ) متميز مثلما هو شاعر مبدع وصوته لوحة مختلفة قادرة على ترميم وسد ثغرات أي عيوب في أي قصيدة وأن خامة صوته تلك هي ( سيمفونية ) أو معزوفة مستقلة من نوع آخر لا يحتاج من خلالها إلى المحسنات والمقبلات والرتوش التجميلية وعادة ما تضفي على قصائده مزيدا من التكامل والتوافق الحسي وأي اجتهادات خارج هذا المعنى تعتبر عبثاً قد ينتقص من المشروع ويسئ إلى الشاعر، وفي مذهب الشعراء والنقاد ما معناه أن هناك قصيدة لا تستقيم إلا على لسان قائلها وقصيدة يقتلها شاعرها وثالثة تصل إلى أعلى درجات الكمال عندما تتوافر فيها الجزالة وتوظيف الإلقاء . فلنترك لافي الغيداني( تؤم صوته ) كما هو نبتة صحراوية أصيلة لاتسقى بماء الورد ولا يحجب عنها ضوء الشمس . حاله حال العديد من عمالقة الشعر الذين لا يحتاجون إلى الزبرقة وإكسسوارات التجميل .