القومية، لا الدين، هي موجب التعاطف الأكبر لدى البشر مع معاناة الآخرين، ربما باستثناء السعوديين الذين يكون تعاطفهم مع إخوانهم في الإسلام اكبر. ودولة مفرطة في الاعتزاز القومي مثل تركيا ترى بأنها مسؤولة عن الأقليات التركمانية في آسيا الوسطى وفي الدول العربية. لهذا السبب كانت ردة الفعل التركية هي الأكثر حدة مع ما جرى في إقليم تركستان الشرقية التي اسماها الصينيون سينكيانج. فقد وصف رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي ما وقع في الإقليم بأنه "أعمال إبادة جماعية، ولا فائدة من وصفها بوصف آخر". وقدم أكثر من ستين عضوا تركيا في لجنة الصداقة الصينية - التركية استقالتهم احتجاجا على العنف المفرط الذي استخدمته الحكومة مع الايغوريين. ودعا وزير الصناعة التركي الأتراك لمقاطعة البضائع الصينية، حتى وصل الأمر إلى إطلاق النار على بضائع صينية في التظاهرة التي قام بها الأتراك ضد القمع الصيني للايغور. وإذا كان ما قام به الأتراك ذا دافع قومي، فما هو المطلوب من العالم الإسلامي عمله لمساعدة الايغوريين؟ أفضل ما يمكن العالم الإسلامي عمله بخصوص تركستان الشرقية، في رأيي، ليس تشجيع الايغوريين على الانفصال ولا نشر الخطاب المعادي للصين في العالم الإسلامي ولا دعم الثورة الايغورية ضد القومية المهيمنة على الصين(90% من قومية الهان). أفضل ما يمكن للمسلمين عمله هو حث المسؤولين الصينيين بهدوء على منح مواطنيهم المسلمين حقوقهم المشروعة في أراضيهم الأصلية. هذه الحقوق تشمل إيقاف ثم محاولة عكس عملية توطين الهان في الإقليم الذي فقد فيه سكانه الأصليون الأغلبية (يشكل الايغور 45% فقط من سكان تركستان الشرقية حاليا). وتشمل كذلك إيقاف التمييز الحكومي ضدهم في الوظائف العامة وفي النظام القضائي الذي يجب أن يكون مستمدا من الشريعة الإسلامية. وتشمل أيضا السماح لهم بالتميز عن باقي مواطنيهم باللغة والديانة والعرق بكل ما يمثله ذلك من منحهم حرية ممارسة دينهم وتدريس تاريخهم المشرق كأمة حكمت الصين نفسها في السابق وإقامة المتاحف التي تعرض ذلك وتسمية الشوارع بأسماء أبطالهم التاريخيين والسماح لهم بإقامة ما يشاءون من وسائل الإعلام التي تعزز تميزهم عن باقي الصينيين. وإذا استطاع العالم الإسلامي انتزاع تعهدات صينية رسمية بالعمل على إحقاق هذه الحقوق لأهلها فانه يكون قد أدى التزامه تجاه الايغوريين. إذ انه ليس صحيحا أن الدنيا لا تؤخذ إلا غلابا.