سوف يستغرق الاكتفاء الذاتي من المهندسين السعوديين خمسة وسبعين عاماً. هذا ما قيل سابقاً بسبب وجود عزوف من الطلبة عن الالتحاق بقسم الهندسة مع وجود نحو 400 وظيفة هندسية شاغرة لدى وزارة الخدمة المدنية. هذا النقص في المهندسين يفسر لنا قرار هيئة المهندسين تخفيض نسبة السعودة في المكاتب الهندسية من 30 % إلى 07 % لعدم توفر النسبة الكافية من المهندسين السعوديين. إن نقص المهندسين يوضح كيف أن الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات التنمية من القوى البشرية هي فجوة لا تزال قائمة رغم التطرق لهذا الموضوع خلال سنوات خطط التنمية عبر وثائق الخطط، ومن خلال الندوات والمؤتمرات التي تختم أعمالها دائماً بالتوصية بالمواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات التنمية. الفجوة كانت موجودة ولا تزال قائمة واستمرار هذه المشكلة يعني أن الحلول كانت بعيدة عن المشكلة أو أنها حلول واقعية عملية لم تنفذ، بمعنى أنها توصيات نظرية غير ملزمة أو أن المشكلة لم تشَخّص بشكل جيد. ربما يأتي الحل الآن من خلال كادر المهندسين الذي يتضمن سلما جديدا للرواتب وبعض الحوافز، وهذا الكادر سيكون له تأثير إيجابي وهو حل وظيفي لابد أن يسبقه حل أكاديمي، تتبعه برامج تأهيل وتدريب قوية للمهندسين في كافة تخصصاتهم لأن التحدي لا يتمثل في الكم فقط بل بالكم والكيف معاً. ولهذا السبب فإن المفتاح الذي يفتح لنا أبواب التنمية هو التعليم والتدريب، وسواء تعلق الأمر بالهندسة أو بالطب أو التمريض أو القانون أو غيرها من التخصصات، فإن التأخير في تنمية القوى البشرية يرجع أساساً إلى أن برامج التعليم والتدريب لم تواكب احتياجات التنمية. وعندما نتحدث عن الاحتياجات نتحدث عن القطاعين الحكومي والخاص، فهي احتياجات وطنية. وإذا كان الكادر المقترح للمهندسين سيخفف نسبة التسرب من المهندسين فإنه في ظني لم يوضع لهذا الهدف، وإنما لتحقيق الاكتفاء الذاتي حيث إن تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 100 % أو رفع نسبة السعودة في المجال الهندسي ليس مطلباً عملياً، وتظل الحاجة إلى تنويع الخبرات قائمة في كافة المجالات في إطار نسبة معقولة. خطط التنمية بحاجة إلى مهندسين ، وتنمية القوى البشرية بحاجة إلى من يهندسها، خاصة أن التقرير السنوي لوزارة الخدمة المدنية يشير إلى وجود (147759) وظيفة شاغرة، يضاف إليها (68) ألف وظيفة مشغولة بغير السعوديين!! بحسب جريدة الرياض في العدد (14834).