الأهداف العامة للسياسة النقدية (وتشاركها نفس الأهداف السياسة المالية) هي تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي للدولة وهذه الأهداف تشمل: العمالة الكاملة (أي تشغيل المواطنين) واستقرار الأسعار (أي أن لايتجاوز معدل التضخم: 1 أو 2 % في السنة) واستقرار سعر صرف العملة (أي أن لا تتقلب قيمتها بالنسبة الى عملات الدول الأخرى) ومعدل نمو اقتصادي عالٍ (أي أن يكون معدل نمو الناتج القومي أعلى من معدل نمو السكان) والتوزيع العادل لأعباء السياسة النقدية المتشدّدة بين طبقات الشعب (أي أن لا تؤدي السياسة النقدية الى محاباة طبقة على حساب طبقة أخرى) اضافة الى هذه الأهداف المشتركة للسياسات الاقتصادية فإن السياسة النقدية تختص باستقرار معدلات الفائدة والحيلولة دون تعثّر البنوك وبالتالي منع حدوث هلع Panic في القطاع المالي. هذه الأهداف نقلتها بتصرف من كتاب قديم في مكتبتي عن النقود والبنوك فأنا لم اشتر كتاباً جديداً في النقود منذ مايقارب العشرين سنة وأكتفي أحيانا بتصفح بعض الكتب المقرّرة في مكتبات Book stores بعض الجامعات الأمريكية والسبب الذي جعلني الآن أنفض الغبار عن هذا الكتاب القديم هو قول الدكتور الجاسر "إن وظيفة مؤسسة النقد كبنك مركزي هي توفير بيئة صحية تتسم بالاستقرار المالي والنقدي تساعد المختصين بالشأن التجاري والاستثماري على التوقع وحسن اتخاذ القرارات والمحافظة على قوة الريال محليا لكن ليس من مهامنا تبني برامج عدالة اجتماعية " (المصدر مقال بعنوان: "الجاسر وحديث السياسة النقدية" للدكتور مقبل الذكير جريدة الاقتصادية العدد 5710) وكان هذا التصريح للدكتور الجاسر (وفقا للمقال) ردا على قول الذكير للجاسر: "إن نجاح مؤسسة النقد في تحقيق استقرار الأسعار كان محدودا... وحدث تدهور ظاهر في مستوى معيشة الطبقتين المتوسطة والفقيرة" رد الدكتور الجاسر يناقض بعضه بعضا ولكن لم أشأ أن اعتمد على ذاكرتي - رغم أن ذاكرتي الحمد لله من حديد - وفضّلت أن أستعين بكتبي القديمة كي أتأكّد من صحة قناعتي أن من مهام البنوك المركزية (وساما ليست مستثناة) تبني برامج (سياسات) عدالة اجتماعية تلقائيا ضمن سياستها النقدية. يوجد ثلاث اسئلة. السؤال الأول هو: هل حقا وفّرت ساما (مؤسسة النقد) بيئة صحية تتسم بالاستقرار المالي والنقدي ساعدت المختصين بالشأن التجاري والاستثماري على التوقع وحسن اتخاذ القرارات ؟ والسؤال الثاني هو: هل حقا حافظت ساما على قوة الريال (سواء في الداخل أو الخارج)؟ والسؤال الثالث اذا لم يكن من مهام ساما تبني برامج عدالة اجتماعية (وهذا هو الذي أثارني) فهل من مهامها تبني برامج (سياسات) تؤدي الى سوء توزيع الدّخل والإخلال بالعدالة الاجتماعية؟ الإجابات على هذه الأسئلة الثلاثة سأؤجّلها الى الأسبوع القادم لأعطي نفسي الوقت الكافي للمذاكرة واسترجاع المعلومات حتى لا أتورّط مع المتخصصين في البنوك والنقود. ويبقى أن أنوّه أن الهدف الأول والأخير من مناقشة تصريحات المسؤولين هو تذكيرهم بما درسوه في الجامعات و تصحيح القناعات والمفاهيم كي نتفادى الأخطاء وليس الانتقاد لمجرد الانتقاد. * رئيس مركز اقتصاديات البترول "مركز غير هادف للربح"