تناقلت وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية بيان وزارة الداخلية حول إحباط كميات كبيرة من المخدرات بجميع أنواعها كانت في طريقها إلى داخل المملكة وكانت ستصل بالفعل إلى أيدي من كان في استقبالها وشارك في التخطيط لدخولها لولا العناية الإلهية ثم يقظة جنودنا البواسل على الحدود، ونحن إذ نشكر هؤلاء الجنود الأبطال الذين يقدمون أنفسهم في سبيل الله ثم الوطن وأبنائه لنحمد الله أن خذل هؤلاء المفسدين في الأرض وكفى المسلمين ووقاهم شرهم. وقد تناول كثير من أصحاب الفضيلة أئمة الجوامع في صلاة الجمعة الماضية هذا الموضوع وأعطوه ما يستحق من نصح المسلمين ووجوب أخذ الحيطة والحذر للمحافظة على أبنائهم وبناتهم ومجتمعهم بشكل عام من سموم المخدرات التي تغزو مجتمعنا من حين لآخر بسبب طمع مروجيها في الثراء السريع جراء بيع هذه الكميات على أبناء مجتمعنا المعروف بالرخاء المادي والاقتصادي إضافة إلى ما يضمره بعض المفسدين تجاه هذا المجتمع المتدين من الرغبة في انحرافه عن جادة الصواب. ولا شك أن ما تم التطرق إليه من أسباب جعلت هذه البلاد المباركة هدفاً للأشرار والمفسدين تحتاج إلى وقفة جادة لدراستها وتمحيصها مهما كلفنا الثمن مع أهمية شعور الجميع - مواطنين وأجهزة حكومية - بالمسؤولية الوطنية وأن نتذكر دائماً قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (كل منكم على ثغر من ثغور الإسلام، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله). وحيث عزا كثير من أئمة الجوامع وبعض أصحاب الفكر والرأي في بلدنا أسباب غزو مجتمعنا بهذه السموم إلى البطالة التي يعاني منها نسبة من أبناء مجتمعنا وتسهم في انحراف أفراد المجتمع وخاصة الشباب. وبالمناسبة فإن البطالة تعرف على أنها عدم وجود فرص عمل مشروعة لمن توفرت له القدرة على العمل والرغبة فيه. كما عرفت منظمة العمل الدولية العاطل عن العمل بأنه ذلك الفرد الذي يكون فوق سن معينة بلا عمل وهو قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه عند مستوى أجر سائد لكنه لا يجده -. وأظن أنه مهما ارتفع ثمن معالجة هذه المشكلة من قبل الدولة مقارنة بنتائجها المدمرة فإنه لا يعتبر شيئاً في مقياس تحليل التكلفة والعائد (cost - benefit analysis) أي أنه مهما تدفع الدولة - أعزها الله - لمعالجة هذه المشكلة فإنه في نظري لا يعد خسارة، خاصة وأن بلدنا ولله الحمد والمنة بلد غني ويوجد به الخير الكثير والبطالة فيه لا تتجاوز نسبة 10٪ حسب آخر التصريحات لوزارة العمل. صحيح أن الدولة تعمل بكل اهتمام على معالجة البطالة من خلال محاولة إشراك القطاع الخاص في علاج هذه المشكلة، والجميع يعرف أيضاً مقدار الدعم والمساعدة اللذين تقدمهما الدولة للقطاع الخاص فهو مدين بمشاركة الدولة بتدريب وتوظيف شريحة كبيرة من أبناء المجتمع خاصة الذين يقعون تحت مظلة البطالة حالياً، ولكن المتتبع لبرامج التوطين لدينا لا يرى هذاالتناغم لتحقيق نتائج مرضية في هذا الجانب بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وهذا بالطبع يرجع إلى أسباب كثيرة. ولعلي في هذا المقال القصير أسوق بعض المقترحات التي أرى أنها ستساهم في حل المشكلة وأرجو أن ترى النور وهي كالتالي: 1- إن القطاع الخاص بلا شك مطلوب منه المشاركة في حل مشكلة البطالة في البلاد وهذا واجب عليه من مبدأ المواطنة أولاً، والدعم السخي الذي يتلقاه هذا القطاع من الدولة ثانياً، وأنه لا مجال للتملص من هذه المسؤولية الوطنية بل يجب العمل على تحقيقها إن عاجلاً أم آجلاً بعد وضع الأطر الصحيحة والدقيقة كتحديد القطاعات التي يجب أن تبدأ بالسعودة أولاً شريطة أن يكون ذلك بناء على دراسات مستفيضة تؤكد رغبة الشباب السعودي الانخراط فيها وإعداد البرامج التدريبية اللازمة لها ومراعاة الأجر الشهري المناسب وساعات العمل ونسب السعودة المستهدفة سنوياً ونحو ذلك. 2- إلحاق جميع العاطلين عن العمل بأجهزة الدولة العسكرية والمدنية كل حسب رغبته ومؤهلاته وعدم الانتظار إلى حين استيعابهم عن طريق القطاع الخاص. 3- بعد معالجة مشكلة العاطلين حالياً يتم العمل بين الجهات المعنية والقطاع الخاص بأسلوب مهني مدروس على استيعاب الراغبين للعمل في القطاع الخاص لا سيما أن هناك الآلاف من المبتعثين إلى الخارج الذين سيعودون إن شاء الله بتحصيل علمي مناسب لهذا القطاع. والله من وراء القصد.