إن الشباب جيل العمل والنشاط والإنتاج , و جيل القوة و المهارة والإبداع , يحرص كل الحرص على ظهور شخصيته في المجتمع , و تكوين شخصيته و ذاته بنفسه معتمدا بذلك على الله أولا , و الحرص على التفوق الدراسي والنجاح العلمي , أو تكوين أوضاعه الاقتصادية من خلال العمل و الإنتاج و الإبداع في مجالات الحياة الأخرى , و إن لم تتحقق تلك الغاية للشباب , أو أهملت تلك الطاقة الشبابية بدون رقيب أو توجيه , فقد يعصف بها الفراغ , وتتقلب بها الميول والاضطرابات النفسية , فتسبب لها اضطرابا في السلوك , فينجم عنها آثارا سيئة على الأفراد و الأسر أو المجتمعات , و ذلك على المدى القريب أو البعيد . و قد بين الإسلام الحاجة المادية و أثرها على النفس , و حللها تحليلا ً نفسيًا و ماديًا , فإذا أدركت النفس حاجاتها الضرورية في الحياة اطمأنت , و استقرت , لذلك دعا الإسلام إلى العمل ، وفتح أبوابه المشروعة , ولو كان الأجر يسيرا , وكره البطالة والفراغ , و سد أبوابها , لكي يحفظ الإنسان نفسه , ويبتعد عن المسألة وذلها , و يكون عضوا فعالا في المجتمع كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لئن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه ) . و إن هذه الدولة المباركة لم تأل جهدا في سعودة وظائف الحكومة , ودعوة القطاع الخاص لفتح المجال أمام العمالة السعودية، و إحلال هذه الكوادر الوطنية محل العمالة الوافدة , و تذليل العقبات التي تواجه التوظيف , , و تساهم في بناء الوطن و نهضته . لذلك يتوجب على رجالات المجتمع من مسؤولين ومربين توعية المجتمع عامة و الشباب خاصة بخطورة الفراغ و البطالة والحرص على تشغيل الشباب ، والبحث عن الحلول الناجعة للقضاء على البطالة ما أمكن , و ينبغي على المؤسسات أن تفعل دورها الريادي و تحفظ الشباب من آثار البطالة السلبية , وأضرارها الخطيرة , و تشجيع شباب المجتمع على الانخراط في الأعمال اليدوية والفنية , و تعزيز الثقة فيهم لقبول هذه الأعمال , و أن تتنازل عن الشروط و القيود التي تكون عائقا أمام العمل و التوظيف , و تفعيل السعودة , و دعم الاقتصاد الوطني . فالفراغ والبطالة داء خطير يحمل كثيرا من النتائج السيئة على الفرد والأسرة والمجتمع : كانتشار الفقر و التسول و السرقة , وظهور السلوكيات السيئة النشاز في المجتمع التي لا يعرفها الكثير من أفراد المجتمع , بالإضافة إلي تدني الأوضاع الصحية و النفسية , فنجد نسبة من العاطلين عن العمل من الشباب يفتقدون تقدير الذات ، و يشعرون بالفشل ، و يسيطر عليهم الملل والإحباط ، و القلق والكآبة وعدم الاستقرار النفسي والاجتماعي ؛ مما يؤدي لا قدر الله إلى الانحراف والانجراف خلف سموم المخدرات , وارتكاب الجرائم التي تعتبر طرقا للهلاك و السجون . لذلك ينبغي على المجتمع تكاتف الجهود و التعاون , تلبية رغبات أبنائه المختلفة قدر المستطاع , و توجيه الأبناء توجيها سليما , و حثهم على العمل الشريف , و إحساسهم بأهمية العمل و بيان آثار البطالة و الخمول و الكسل . والشاعر يقول : إن الشباب والفراغ و الجدة مفسدة للمرء أي مفسدة