اصبحت بعض الاحياء السعودية اشبه بالاحياء الصماء وذلك نتيجة لافرازات الحضارة وكثرة ارتباطات افراد المجتمع بعلاقات العمل.. لدرجة ان الجار لايعرف جاره ولايعرف عن ظروفه وبعض الجيران نجدهم يقطنون في حي واحد لسنين طويلة دون وجود اي زيارات متبادلة فيما بينهم... الا ان بعض الاحياء وبمادرة من امام المسجد يقوم بجمع اهالي الحي وينظم معهم برامج الزيارات والتعارف فيما بينهم وبعض الاحياء وبمبادرة من بعض سكانها نجدهم يجتمعون بصفة دورية ومنظمة والكل يعرف جاره ويقفون مع بعضهم البعض وقت الشدائد ولكن هل هذا ينطبق في جميع الاحياء بالطبع لا فهناك شبه انعدام للعلاقات الاجتماعية بين سكان هذه الاحياء. وفي خطوة رائدة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية واهتمام بالغ من قبل وكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية تمت الموافقة مؤخراً على تأسيس لجان تنمية محلية بالمنطقة الشرقية وعددها اربع لجان في كل من الدمام والخبر والظهران ومن اهم برامجها انتشار مراكز احياء في الاحياء السكنية التي تشرف عليها لجان التنمية المحلية ولتسليط الضوء على هذه اللجان المحلية ومراكز الاحياء التقت «الرياض» في بداية هذا التحقيق مع مدير عام الشؤون الاجتماعية بالمنطقة الشرقية الاستاذ ابراهيم بن عبداللطيف العمير حيث سألناه عن الفكرة من تأسيس لجان تنمية محلية ومراكز الاحياء فقال: انطلاقاً من اهتمام وكالة الوزارة للشؤون الاجتماعية وحاجة المجتمع الى مناشط اجتماعية وثقافية وتربوية بما يخدم مجتمع الاحياء والاحياء الاخرى فقد تمت الموافقة مؤخراً على تأسيس لجان تنمية محلية وعددها (4) في كل من الدمام والخبر والظهران وصدرت لها اللوائح المنظمة لها وتضم عضوية هذه اللجان نخبة من الاهالي يتمتعون بصفة القيادة وحب التطوع في العمل الاجتماعي لخدمة مجتمعهم ومن اهم برامجها انشاء مراكز احياء في الاحياء التي تشرف عليها كل لجنة محلية تمارس وتنفذ انشطة وبرامج مختلفة كالبرامج الاجتماعية والثقافية والترفيهية على مستوى فئاته الرجالية والنسائية بالاضافة الى الاطفال كما تهتم بالاسرة كعنصر اساسي وفي استقرار المجتمع وبحث احتياجهم وتلبية متطلباتهم وتلمس مشاكلهم وايجاد الحلول المناسبة وتوجيههم وارشادهم بما ينفع ويخدم بلدهم تحقيقاً لمبدأ التكافل الاجتماعي وزيادة ترابط العلاقات بين افراد الحي الواحد مع تشجيعهم في تخطيط ومتابعة كافة الانشطة والبرامج ذات الصبغة الاجتماعية مع المحافظة على مكتسباته في بيئة مناسبة واستغلال كافة الطاقات البشرية والامكانيات المتاحة في المجتمع بما يخدم مجتمعاتهم. وفيما يتعلق بدور اللجان المحلية ومراكز الاحياء التي تقع تحت مظلتها قال العمير في سياق حديثه ل«الرياض» بان دور هذه اللجان هو تحقيق الترابط الاجتماعي بين سكان الحي الواحد والاحياء المجاورة والاسهام بقدر المستطاع في علاج المشكلات الاجتماعية والظواهر السلبية التي قد تظهر في الحي والمساهمة في رفع مستوى الوعي الاجتماعي بين سكان الحي وتنمية روح التفاعل الاجتماعي وتطوير بيئة الحي والمحافظة على المكتسبات الحضارية و الاستفادة بقدر الامكان من الطاقات البشرية والعمل وفق برامج اجتماعية لدمج كبار السن المتقاعدين في العمل الاجتماعي من خلال مراكز الاحياء كذلك تقديم وتنفيذ برامج تربوية وترفيهية لقطاع الاطفال مع امكانية الاستفادة من الطاقات النسائية في ذلك، والعناية بالشباب من الجنسين واحتياجاتهم وتوفير الامكانات اللازمة والاجواء المناسبة لممارسة هواياتهم في بيئة اجتماعية سليمة، هذا بالاضافة الى الاهتمام ببرامج الامومة والطفولة وتنظيم الانشطة الاجتماعية والثقافية الهادفة التي تسهم في تكوين الاسرة الصالحة والترابط في مجتمع الحي وامكانية تأسيس لجان لاصلاح ذات البين ولتتعامل مع المشكلات الاسرية بايجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلات ووقايتها بمختلف الوسائل، وامكانية طرح المشورة والمطالبة اللازمة التي تتعلق بالحي وسكانه من قبل الجهات الحكومية الاخرى كالبلدية والصحة والتعليم وغيرها. وفيما يتعلق بمدى مساهمة هذه المراكز في ترتيب العلاقات الاجتماعية داخل الاحياء اوضح انه لاشك بأن هذه اللجان ومراكز الاحياء التي تشرف عليها داخل الحي تسهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة في توطيد العلاقات الاجتماعية داخل الاحياء بين سكانه متى تضافرت جهود سكان الحي في زيادة هذا الترابط والتماسك الاجتماعي من خلال تواجدهم المستمر ومشاركتهم في تنفيذ برامجها المختلفة والمشاركة في المشورة وتبادل الآراء والخبرات التي ستساعد على هذا التماسك بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالفائدة والنفع العام. واختتم مدير عام الشؤون الاجتماعية بالمنطقة الشرقية ابراهيم العمير حديثه قائلاً بأن اللجان الحالية خاضعة للتجربة وسيتم تقييم هذه اللجان وبالتالي التوسع فيها مستقبلاً بعد انجاح التجربة إن شاء الله. جهود شخصية: كما التقت «الرياض» بالمواطن علي بن مسعود بن شويه القحطاني والذي حدثنا حول هذا الموضوع قائلاً بانه بالفعل اصبحت مدننا السعودية شبه صماء نتيجة لافرازات الحضارة وكثرت ارتباطات الناس باعمالها عكس الماضي حيث ان سكان الحارة يعرفون انفسهم والكل يعرف الآخر ويقفون مع بعضهم البعض ويتجمعون دائماً ويتزاورون اما حالياً فقد تمضي سنين والجار لايعرف جاره واضاف القحطاني بانه من خلال تجربة الحي الذي يقطن فيه فإن امام المسجد جزاه الله خيراً يقوم بدور كبير في جمع سكان الحي وعمل برنامج تنظيم زيارات بين سكان الحي وشرح ظروف بعض السكان اذا كانوا يحتاجون مساعدات وهذا بالطبع يعتمد على امام المسجد ومدى نشاطه وكذلك تجاوب اهل الحي معه وهذا مطبق لدينا في الحي الذي نقطنه حيث نقوم باجتماعات دورية والكل يعرف الآخر وهذه عادة قديمة في هذا الحي ولكن لم تأخذ الصبغة الرسمية ولكنني هنا اود ان اقول بان مراكز الاحياء والتي تأتي تحت مضلة لجان التنمية المحلية والتي اقرتها وزارة الشؤون الاجتماعية سوف تسهم بشكل كبير جداً في النهوض بالاحياء من حيث تحقيق الترابط الاجتماعي وعلاج المشكلات الاجتماعية وتنظيم الانشطة الاجتماعية وكذلك تطوير الخدمات التي يحتاجها الحي ايضاً وهذه تعتبر من الخطوات الرائدة لحكومتنا الرشيدة وممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية. توطيد العلاقات الاجتماعية: اما المواطن هاني الشبرويشي قال ل«الرياض» بانه يقطن في حي منذ فترة طويلة ولايعرف من هم جيرانه سوى مشاهدتهم بالمسجد اثناء الصلاة وبعدها الكل يذهب الى عمله ولكن هذا يختلف من حي الى حي ومن مجتمع الى مجتمع ومن منطقة الى منطقة فمثلاً المجتمعات القروية تختلف بطبيعتها الاجتماعية عن المجتمعات المتحضرة من حيث التواصل وتبادل الزيارات الاجتماعية الدائمة ولكن في المجتمعات المتحضرة والسائدة على المجتمع السعودي نجد ان علاقات العمل هي التي تحكم هذه العلاقات الاجتماعية ومضى يقول ان اوقات الدوام وخاصة اذا كانت فترتين وكذلك متطلبات الحياة هي التي تتسبب في ان تجعل الجار لايعرف جاره ولكن هذا ليس مقياساً في جميع الاحياء، ولكن مراكز الاحياء سوف تأخذ اولاً الصفة الرسمية في اعادة ترتيب اوراق الحي بشكل كامل من حيث اصلاح ذات البين وترتيب العلاقات الاجتماعية والاهتمام ببرامج الامومة والطفولة والتشاور بين سكان الحي ورفع مستوى الوعي الاجتماعي والاهم من ذلك هو ترتيب العلاقات الاجتماعية داخل الحي. خطوة متقدمة ورائدة: اما المواطن هيف بن مسعود القحطاني حيث قال بانه منذ خمسين سنة كانت هناك شبه مراكز للاحياء داخل مجتمعاتنا السعودية ولم تكن العلاقات الاجتماعية في ذلك الوقت مثل الآن فالجار يعتبر جاره اخاً له ويأتمنه على اهله في حال غيابه ناهيك عن الاحتفالات الجماعية التي كنا نقيمها في نفس القرية او الحي في الاعياد والمناسبات العامة ولكن اصبح بعدها وبمرور السنين فتوراً في العلاقات الاجتماعية داخل الاحياء السكنية بسبب هجرة العمل لبعض سكان الحي وقدوم غرباء لنفس الحي لانعرف عنهم شيئاً واتساع المدن والغزو الحضاري وهذا بالطبع يحتاج الى اعادة هيكلة كاملة من حيث اعادة ترتيب هذه الاحياء وتوطيد العلاقات الاجتماعية فيما بينهم وهنا تبرز مراكز الاحياء التي اقرتها وزارة الشؤون الاجتماعية عن طريق لجان التنمية المحلية والتي سوف يكون لها شأن كبير جداً في تنظيم هذه الاحياء بشكل عام. إيصال صوت الحي للمسؤولين: الشيخ عادل العوهلي امام مسجد شرحبيل بن حسنة فقد كان له توجه آخر من حيث هذه المراكز حيث قال بانها خطوة ايجابية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية لاسيما في الوقت الحالي وذلك لاعادة ترتيب العلاقات الاجتماعية داخل سكان الحي ومعرفة افكارهم واتجاهاتهم وحل المشاكل التي يتعرضون لها ومن خلال هذه الجوانب الايجابية نستطيع التصدي لكثير من المشاكل سواء الفكر المنحرف ونشر التوعية بين افراد الحي عن طريق القيادات التي يتم اختيارها من ضمن سكان الحي وايصال صوت الحي للمسؤولين من كافة الجوانب حتى الجوانب الأمنية واردف قائلاً باننا ومن خلال تجربتنا البسيطة في الحي وبتجاوب من سكان الحي نقوم بالاجتماعات الدورية ومناقشة همومنا ومساعدة بعضنا البعض وهذه عادة عملنا بها منذ فترة كما اننا نقوم بالاجتماعات الدورية لتوطيد العلاقات الاجتماعية بيننا والكل يحرص من سكان الحي على استمرارية هذه العملية الرائدة ولكن مع قدوم مراكز الاحياء سوف تتوسع الدائرة وتكون مجالاتها اوسع وافضل مما هو قائم حالياً. احتياجات اهل الحي: كما التقت «الرياض» بالمواطن محمد السهلي والذي بادرنا قائلاً لاشك ان هذه المراكز سوف يكون لها في استمراريتها بإذن الله والذي نتوقعه ايضاً منها ان يكون لها نوعاً من الشمولية في معالجة كافة الامور داخل الحي السكني وليس على مستوى العلاقات الاجتماعية فحسب بل على كافة المستويات سواءً الاجتماعية او الأمنية ايضاً اقامة البرامج والانشطة والمحاضرات الدائمة ومحاربة كل شيء مشتبه به والرقي بهذه الاحياء من كافة النواحي. العناية بالشباب: المواطن محمد مصطفى الهولي قال بأن مراكز الاحياء والتي تندرج تحت لجان التنمية الاجتماعية سوف يكون لها دور ايضاً من وجهة نظري في الاهتمام بشريحة الشباب من كلا الجنسين وهذه الشريحة وفي ظل الانفتاح على المجتمع تحتاج منا الى الاهتمام بهم وتوجيههم التوجيه السليم واستغلال الخبرات التي مرت على كبار السن من سكان الحي في استغلالهم كقيادات تقوم بنشر التوعية من خلال التجارب التي مرت عليهم والاستفادة منها لتوعية هؤلاء الشباب. استغلال القيادات: المواطن حسين بن جلاله قال بان مثل هذه المراكز يجب ان ندعمها نحن كسكان الاحياء ونقف معها حتى تحقق الاغراض التي نرمي اليها جميعاً ولكنني هنا اود ان اشير الى نقطة مهمة الا وهي الاهتمام بالناشئة من المجتمع من نعومة اظفارهم وحتى وصولهم الى مرحلة الشباب من حيث نشر التوعية فيما بينهم واكسابهم المهارات التي تجعلهم يحافظون على بيئتهم ويساهمون ايضاً في دفع عجلة التنمية في المجتمع.