الأذن الوسطى عبارة عن تجويف هوائي داخل العظم الصدغي للجمجمة. ويحتوي هذا التجويف على عظيمات السمع الثلاثة التي تقوم بتضخيم الموجات الصوتية الهوائية وتحويلها إلى طاقة حركية تقوم بدورها بدفع السوائل في الأذن الداخلية لتوليد طاقة كهربائية تصل إلى المخ عن طريق العصب السمعي. يترجم المخ هذه الطاقة على أنها أصوات. ويجب أن تحتوي الأذن على هواء ضمن ضغط ثابت حتى تتحرك الطبلة والعظيمات بسهولة وتتمكن من أداء عملها. ويقوم بتعديل الضغط بشكل دائم أنبوب يتصل بتجويف الأنف الخلفي. وتتصل عضلات البلعوم وسقف الحلق بفتحة هذا الأنبوب وبالتالي فإن هذا الأنبوب ينفتح ويضخ الهواء إلى جوف الأذن في كل مرة نقوم بها بالبلع سواء كان هناك طعاماً في جوف الفم أم لاْ. عند إصابة الطفل بالزكام تتجمع السوائل الرشحية في تجويف الأذن. وهي نفس السوائل التي تخرج من الأنف عندما نصاب بالزكام. إن تجمع هذه السوائل وعدم قدرتها على الخروج من الأنبوب الذي يتصل بالبلعوم خلف الأنف يسبب التهاب الأذن الوسطى الرشحي، وماأن تصاب هذه السوائل بإلتهاب جرثومي حتي يصبح المرض التهاب الأذن الوسطى القيحي. من الممكن ان تتجمع السوائل في تجويف الأذن دون أن تسبب ألاماً. وكل ما يشكو منه الطفل عندئذ هو إنزعاج غامض والأهم هو فقدان السمع الجزئي. إن فقدان السمع هو أهم الأعراض التي يجب الإنتباه إليها حيث أنه قد تصل إلى درجة تأخر الطفل في المدرسة. كما أن إصابة الأذن بهذا الإلتهاب هو السبب الأول لفقدان السمع عند الأطفال. لايوجد علاج دوائي لتجمع السوائل في الأذن الوسطى. وقد كان استخدام المضاد الحيوي شائعاً إلى درجة أن إحدى الشركات الدوائية قامت بتصنيع حلوى للمضغ تحتوي على المضاد الحيوي وذلك ليتمكن الأهل من إعطاء الدواء يومياً لمدة تصل إلى ستة أسابيع. أما الآن فقد ثبت أنه لا يوجد أي دور للمضاد الحيوي في العلاج. وكذلك الأدوية المضادة للاحتقان مثل الأكتفيد وخلافة. بل على العكس، فهذه الأدوية تقوم بتحويل السوائل الرشحية إلى سوائل صمغية تصعب بعدها على الأذن التخلص منها دون اللجوء للجراحة. إن وجود السوائل الرشحية في تجويف الأذن لمدة ثلاثة أشهر يستوجب وضع أنابيب تهوية في طبلة الأذن حتى تتمكن الأذن من التخلص من هذه السوائل. وتعمل هذه الأنابيب بنفس الطريقة التي تعمل بها فتحة التهوية الثانية في علبة الحليب المركز. حيث أن تجويف الأذن يشبه علبة الحليب، ويجب أن يكون هناك فتحتين في غطاء علبة الحليب حتى يتدفق بشكل متواصل. الفتحة الأساسية هي أنبوب إساشيوس. إن وجود الأنبوب في طبلة الأذن لايسبب أي إعاقة سمعية بل على العكس، يتحسن السمع مباشرة بعد التركيب. وتحافظ الأذن على هذا الأنبوب لمدة تتراوح بين 6 إلى 10 أشهر تقوم بعدها بطردها إلى الخارج دون أن يلاحظها الطفل أو الأهل. وكان الطفل في الماضي (بعد تركيب الأنابيب) يمنع من السباحة أو او حتى الاستحمام دون وقاية الأذن من الماء، أما اليوم فلا داعي من هذه الإجراءات حيث لم تثبت فا ئدتها ولأنها غير عملية بمجملها. ولأن هذه العملية تستغرق بضع دقائق دون الحاجة لأي دواء فإنه ينصح باللجوء إليها دون تأخير. ويكفي لمعرفة حالة الطفل المصاب برشح السوائل في الأذن أن يتذكر أحدنا حالة أذنه عند هبوط الطائرة حيث تصاب بقفل الأنبوب لبضع ثوان كفيلة بأن تصيبنا بالإزعاج. هذا الإزعاج هو ما يشعر به الطفل طوال الوقت دون قدرته على التعبير. ولذلك فإن التدخل السريع ضروري لوقف معاناة الأطفال المصابين.