خسر الهلال لقب الدوري لأنه لم يقدم مهره الكافي، وفاز الاتحاد به لأنه قدم فاتورته كاملة وفوقها "البخشيش"، وأعني بذلك أنه بالإضافة إلى ما قدمه من إبداع فني فإنه أضفى عليه الكثير من الإمتاع المهاري، لكن رغم ذلك لم تكن المباراة بشكل عام وجبة دسمة للمحايدين الذين كانوا يترقبون العرس السعودي- العربي الكبيرإذ صدموا حينما وجدوا أنفسهم أمام وجبة "فاست فود". ولست مبالغا إن قلت إن بلطجة خالد عزيز ساهمت في قتل متعة المباراة، فتصرفه الأرعن مع نايف هزازي لم يضع الهلال على مقصلة الخسارة وحسب ليكون فريسة سهلة لنمور الاتحاد، وإنما صبغ النهائي بألوان قاتمة، فقدمه للمشاهد كلوحة فنية فاقدة للجمالية، وهو ما أفسد على الكرة السعودية نهائيا كان ينتظر أن يتوج بلقب أقوى نهائي عربي على الإطلاق . أدرك – تماما- ان قرار عقاب عزيز أو حتى العفو عنه شأن هلالي خاص، رغم انه أن أضاع على ناديه جهد موسم بأكمله وبدد من خزانته ملايين الريالات بتصرف لا يعبر سوى عن عقليته المتكلسة بالفوضى وبثقافته المتخمة بالعبثية، لكن هل تساءل أحدنا عن السبب الذي دفع عزيز إلى اقتراف تلك الحماقة. إن الدافع الرئيس لتصرف عزيز –في ظني- لا يخرج عن مسألة واحدة وهي انعدام الثقافة العامة لديه قبل غياب ثقافة الاحتراف عن فكره الرياضي، ولذلك أكاد أجزم بأن ثمة مقربين من عزيز هلاليين أو اتحاديين بحسن نية أو بدون سعوا لتغذية هذه العنترية المتورمة لديه قبل المباراة ما دفعه للبحث خلالها عن البطاقة الحمراء بتلك الطريقة الطرزانية المقززة، ولذلك شاهدناه يعتدي على هزازي بدم بارد على طريقة "فتوات الحارة". تلك التغذية الفكرية السلبية التي مورست مع عزيز ما كانت لتجد لها مكانا في نفسه لو أنه كان يتسلح بأبسط أبجديات الثقافة وبقليل من الإدراك بقيم الاحتراف، وهذا مصداق لقول جان جاك روسو "ثقافة المرء تحدد سلوكه". للإنصاف فإن مسؤولية تنمية الوعي الثقافي بالاحتراف لدى اللاعب ليست من مسؤولية اللاعب وحده، وإنما من مسؤولية النادي قبله، فتطبيق الاحتراف الحقيقي لا يقوم على توقيع العقود ودفع المرتبات ومراقبة الانتظام في التدريبات وإنما تلك الآليات قيض من فيض الاحتراف. سئل اللاعب المصري السابق هاني رمزي عن الأسباب التي قيضت له النجاح في تجربته الاحترافية في أوربا والتي دامت 15 عاما لقب على إثرها ب"أمير المحترفين" فأجاب: " لقد ساهم النظام الاحترافي في أوربا في زرع ثقافة الاحتراف لدي، فقد كنت أقضي في النادي ثماني ساعات يوميا موزعة بين التدريبات والأكل وتعلم اللغة، بالإضافة إلى حضور بعض الدورات التثقيفية التي تتعلق بحياتي كلاعب". والسؤال الذي يطرح نفسه هل يدرك مسؤول شؤون الاحتراف في نادي الهلال وغيره من الأندية السعودية معنى الثقافة الاحترافية التي تمنع وجود الأمية الرياضية لدى خالد عزيز وأمثاله في أنديتنا "المحترفة"، أم أننا سنظل نجلد ظهر محترفينا بتهمة فقر الثقافة الاحترافية الغائبة أصلا عن عرابي الاحتراف لدينا !.