عادت بي الذاكرة الى طوابير البنوك لتسديد فواتير الخدمات كهرباء واتصالات، وكيف كانت لمن رصيده لا يتعدى الخمس خانات ، اما الفئة الاخرى فهم الذين لم يعرفوا الطوابير ولم يجربوها ، بل يذهبون الى مكاتب مكيفة ومؤثثة وتقدم لهم الخدمات مع كوبا من الشاي او القهوة او العصير في جو بارد ، والسبب ان هذه الفئة من أصحاب الخدمة البلاتينية – يعني اللي رصيده مليون وما فوق – اللهم لاحسد. ونحمد الله ان أنعم علينا بتطور تقنيات الاتصال، واصبح السداد عن طريق الاتصال الهاتفي او الانترنت وكفانا شر الوقوف في الطوابير. اليوم لدينا طوابير من نوع اخر لمواطنين من ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة تنتظر من ينتبه لها ، حيث انها لاتملك رصيدا بلاتينيا ولا حتى نحاسيا ، وتريد قروضا للمسكن – وليس للسفر او تغيير الأثاث أو المتاجرة بسوق الأسهم – وتريدها من جهات تمويلية تمكنها من تملك مساكنها بيسر وسهولة . والمشكلة أن الطوابير في ازدياد. بنوكنا التي كانت الى وقت قريب في بحبوحة من العيش - قبل الأزمة المالية التي يشهدها العالم هذه الايام – كانت تركز على تغيير شعاراتها وألوانها وأسمائها وتلميع صورتها بعد ان تضخمت حساباتها وتضاعفت ايراداتها وارباحها التي تجاوزت رأسمالها ، وهذا يحدث عندنا فقط. البنوك هي من يستطيع أن يسهم في حل مشكلة الاسكان لو تغيرت ثقافة النظرة الاستثمارية قصيرة المدى والتفكير من جانب واحد، بدلا من الاستثمار طويل المدى وتكوين محافظ استثمارية عقارية مع شركات تطوير عقارية واستثمارها في مجال الاسكان ، وتقديم قروض ميسرة لذوي الدخل المحدود والمتوسط بأقساط مريحة وأرباح معقولة وفترة سداد مرنة. من حق البنوك أن تعمل على تنمية ايراداتها وزيادة ربحيتها فذلك حق مشروع، وأيضا من واجبها أن تساهم في خدمة المجتمع وأن تقتطع جزءاً من ارباحها السنوية الضخمة لمشاريع عقارية ، مثل بناء المدارس والمستشفيات ومدارس تحفيظ القران الكريم ودور الايتام وبناء مقار للجمعيات الخيرية ودور رعاية المسنين. اليوم ومع الأزمة العالمية ، نخشى أن يتم الاحجام عن تقديم القروض للمستثمرين والمواطنين وتزداد طوابير الانتظار وتتعطل التنمية ونعود الى الوراء. المنافسة في تقديم الخدمات امر في مصلحة المستهلك او العميل وهناك قصور واضح في تقديم الخدمات وخدمات مابعد البيع والتعامل الجيد مع العملاء والذي نفتقده كثيرا في بنوكنا. حين يطالب بنك ما احد عملائه ولو بمبلغ بسيط فانه يصرف الكثير لفرق التحصيل والمحامين حتى لو كانت مطالبتهم باطلة او بخطأ منهم والتجارب كثيرة ولايشفع لك ان تكون عميلا مميزا بالالتزام والاحترام منذ اكثر من 15 عاما ، فمفهوم البنوك للتميز يقاس بالرصيد .. وستحظى بالخدمة البلاتينية اذا كان رصيدك من 7 خانات فقط.