التجار دائما متهمون , لذا لن أنصب نفسي محاميا في قضية خاسرة من البداية مع الجمهور العام , ولكن لنطرح الموضوع كقراءة اقتصادية نعيشها الآن و كواقع نلمسه جميعا , يستغرب الكثير الآن بالمملكة أن الأسعار لم تنخفض كثيرا , ولم تتجاوز الانخفاضات بأحسن الظروف نسبة 15- 20 % , عدى العقار للمناطق غير السكنية أو التجارية , أما السلع والخدمات فالأسعار لم تتغير كثيرا , والسلع الكمالية " كالسيارات وقطع غيارها " مثلا لم نحلظ أي تغير بالأسعار بل ارتفاع وقطع الغيار أيضا ترتفع بنسبة 20% كما ورد تقرير قبل أيام , إذا ماذا يحدث في ظل أزمة مالية عالمية لدينا والأسعار لم تتغير كثيرا بل زادت وارتفعت كثيرا , وحتى لا نلقي التهمة " بعاطفة جياشة ككل مرة " ونقول إنهم التجار أو الرقابة من وزارة التجارة , لنتابع الحدث من من منبعه وأصله أي الدول المصنعة لماذا لا يخفضون الأسعار ؟ وكثير يرسل لي بعد مقالتي " لن تصدي " ردا على حملة مقاطعة السيارات , إن السيارات بالولايات المتحدةالأمريكية كمواصفات لا تقارن بما لدينا , وهذا نلحظه بكثير من السيارات المستعملة المستوردة من هناك , وهذا يؤكده لي أحد أكبر وكلاء السيارات الفاخرة لدينا فالمشتري لدينا يطلب أعلى المواصفات بالسيارات ( رغم أنه لا يستخدم ربع هذه المواصفات ) فهي من قبيل المباهاة والتميز لا أكثر وهذا حقه فهو يدفع مقابل كل خدمة و " أبشن " يستخدمها . أعود لسبب عدم تراجع الأسعار كمبدأ اقتصادي وتحليل اقتصادي وبعيدا عن " العاطفة " التي أشدد عليها كثيرا , أنه حين ينخفض الطلب على السيارات " مثلا " والمصنع يشتري بكميات كبيرة من قطع السيارة وأساسيات صناعتها فإن التكلفة ترتفع , بمعنى حين يشتري المصنع للسيارات مثلا " الزجاج الأمامي " بكمية شهرية تقارب مائة ألف في الظروف العادية فإن المصنع يأخذ ويحصل على سعر تفضيلي جيد ومميز , وحين ينخفض الطلب إلى عشرين ألف شهريا أي انخفاض 80% من الطلب المعتاد فإن المصنع للزجاج الأمامي سيرفع السعر لسبب انخفاض الكمية , وهكذا يتم القياس على كل قطع السيارة , وكذلك الأثاث والساعات والمواد الغذائية وغيرها , والأهم أن ندرك أن الأسعار في الأساس لم تتضاعف في هذه السلع إلا المواد الغذائية وهذه لها ظروفها الكثيرة , أما العقار لدينا فهي مبالغ بها بسبب سيطرة كبار العقاريين والطلب المستمر , ولا ننس أن الإنفاق الحكومي لدينا لم يتأثر بل مستمر بأعلى طاقة , والبنوك لدينا لم يفلس أحد وتوزع أرباح حتى الآن , إذا الأزمة من أين ستأتي لاقتصادنا بهذا الوضع ؟ لا ننس أن المدخرات التي لدى المملكة يمكن أن تمولها 3 سنوات قادمة بدون بيع برميل واحد الآن , فهل ندرك حجم القوة التي نصبتنا ضمن القوى العشرين عالميا , إنه الكاش والنقد المرصود بما يفوق تريليونا وأكثر . حين نحكم العقل والقراءة الصحيحة سندرك أن انخفاض الأسعار لا يأتي بمقاطعة لسبب أن لا أحد مستعد للبيع بخسارة وإلا أغلق وانتهى . وأن ما يتم من تخفيض للأسعار هو للتوفير النقد السريع وفاء لأي التزامات سريعة وأنها مؤقتة ولن تدوم والشركات تصمد نصف سنة وسنة وسنتين وبعروض ومزايا , ولكن لن تعود الأسعار السابقة التي انطلقت منها وفق المعطيات التي نعيشها , فلا حملة ولا عواطف تحرك وتقود الاقتصاديات , لن يستمر مصنع أو تاجر واحد بالعمل وهو يخسر , فالبيع الأكثر والأعلى ككميات يخفض الأسعار وليس العكس هل ندرك ذلك بدون " عاطفة " كمبدأ بسيط جدا في علم الاقتصاد ؟!