اختلف معرض الرياض الدولي للكتاب كثيرا هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة. الاختلاف كان ايجابيا لحسن الحظ من أكثر من ناحية. اتساع المكان وتوفر مواقف السيارات، وحسن التنظيم والإعداد المسبق بتسمية الممرات وتجنيد العشرات لخدمة الرواد وغير ذلك من نواح جعلت معرض هذا العام عبارة عن نزهة ثقافية ممتعة. لدي شخصيا سبب آخر للاحتفاء بالمعرض، فقد قام معالي وزير الثقافة والإعلام نيابة عن خادم الحرمين الشريفين أدامه الله بتكريم الرواد من المؤرخين السعوديين وكان من بين المكرمين والدي الشيخ محمد بن ناصر العبودي أطال الله عمره. المعرض الذي حوى هذا العام أكثر من 250 ألف عنوان وشارك فيه 300 دار نشر كان كريما أيضا فيما يتعلق بفسح الكتب إذ لم تتجاوز العناوين الممنوعة 100 عنوان مما يعطي انطباعا بان الرقابة كانت فعلا في حدها الأدنى وفق ما صرح به الدكتور عبد العزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية. هذا الكرم في فسح الكتب له بعض المنتقدين بالطبع، لكنني وجدت انتقادا غريبا من طرف آخر. إذ عندما التقيت احد الناشرين اللبنانيين الذي تجمعني به علاقة صداقة قديمة بادرته بجملتي المعتادة" اعطني من تحت الطاولة" في إشارة إلى الكتب التي لا تفسحها وزارة الثقافة والإعلام وتمنع عرضها في المعرض بعد أن يكون الناشر قد جلبها إلى المملكة. الصديق فاجأني برده إن الرقابة هذا العام قد فسحت" للأسف" جميع ما جلب. استغربت من أسفه لفسح الكتب فقال إن منع الكتاب هو تذكرة عبور للانتشار فالجميع يحرص على اقتناء الكتاب الممنوع. صدق الرجل. فانا أصلا كنت اطلب منه ما تحت الطاولة بغض النظر عن محتوى الكتاب اعتمادا على أن ما منع سيحوي قطعا ما هو مثير للجدل. وبالعودة إلى المعرض، فقد لاحظت كثرة المشترين رغم أن الأسعار لم تكن مخفضة، بل بالعكس بدت لي الأسعار أعلى في المعرض مما هي عليه في المكتبات سواء كان ذلك في الداخل أو الخارج. هذا الغلاء لم يمنع رواد المعرض من الشراء. العدد الكبير من المشترين للكتب وعدد الكتب الجديدة في المعرض وحضور المؤلفين للتوقيع على كتبهم .. كل هذه المؤشرات تبعث في النفس الأمل بأن غد الكتاب سيكون أفضل من أمسه إن شاء الله.