** يبالغ الإنسان كثيراً – في بعض الأحيان - في تقدير درجة ذكائه.. ** وفي ثقته في قدراته..ومواهبه.. ** وفي اعتداده بنفسه..إلى درجة التباهي والغطرسة..واستشعار تفرده عن كل الناس.. ** يحدث هذا عندما يتمكن من إقناع البشر بأنه إنسان نادر..وغير عادي..ولا يمكن الاستغناء عنه..أو مضاهاته بالآخرين..مهما بلغوا من العلم..أو الخبرة..أو الحسب..أو النسب..أو الذكاء.. أو القرب من مواقع حساسة..ومفصلية.. ** ويحدث..عندما يحمله "دهاؤه" إلى أماكن ليست له..وإلى مواقع لم يكن يحلم بأن يبلغها في يوم من الأيام..وأن يحتل مكانة لم يصل إليها غيره من قبل.. ** ويحدث..عندما يجد نفسه محل ثقة تتخطى به كل الرقاب وتضعه في الصفوف الأولى..لينافس أكثر الناس..إخلاصاً..ووفاءً..ونظافة..وسلامة فكر..وطوية..وأرومة.. ** ويحدث..عندما تتحول به الحال من إنسان "مشكوك" فيه إلى إنسان "موثوق" به.. من إنسان "خصم" إلى إنسان "محظيّ"..ومن إنسان "منبوذ" إلى إنسان "مقرَّب"..ومن إنسان "مغضوب" عليه..إلى إنسان "مرضيّ" عنه..ومحفوف بالكثير من صور التكريم..والرعاية.. ** ويحدث هذا..عندما يتغير الكثير من المقاييس بصورة مفاجئة..فيكافأ "المخلص: بالإهمال..فيما يصبح غير المخلص في "الصدارة".. ** ويحدث هذا..في زمن "الغفلة"..أو في ظل انتصار الخبث والدهاء على الطيبة..والنقاء.. والصدق..والإخلاص المتناهي.. ** في زمن..تتبدل فيه الأحوال..فيصبح العالي واطياً..والواطي عالياً.. ** في زمن..تغيب فيه الحقيقة.ويتفوق فيه الدجل..والنفاق..وتسود فيه مظاهر "الحربائية" و "التلون" والاستغفال القاتل.. ** في الزمن الظالم..يصبح الأبيض بسواد الليل..فيما يبدو الأسود أشد نصوعاً من بياض الفجر الطالع.. ** وفي الزمن المعتم..تبدو الأشياء بطعم السم..ورائحة الخنزير..ومرارة الصِبِر..وشراسة الذئاب الحاقدة في الصحراء الموحشة.. ** فيما تتلاشى الأشياء الجميلة..والناصعة..والرائعة..وتتوارى خلف دياجير الليل الحالك..بكل صور الكذب..وألوان التضليل..وتصنُّع الإخلاص.. ** فلماذا يحدث هذا.؟ ** وكيف يحدث هذا.؟! ** وبسبب ماذا يحدث هذا.؟! يحدث هذا.. ** عندما يتمكن "الأفاكون" و "المتسلقون" و "الأدعياء" من إعطاء صورة براقة عن أنفسهم..لمن لا يعرفونهم حق المعرفة..لمن قد يؤخذون بأحاديثهم الجميلة..وبمنطقهم الذكي..وبدهائهم النادر وببراعتهم في الجذب والتأثير.. ** ويحدث هذا.. ** حينما يتوارى المخلصون..والأكفاء..والصادقون..فلا يظهر فوق السطح سوى هذا النوع "الأرقط" من البشر.. ** ويحدث هذا.. ** عندما يُعجب به الطيبون..ويزكونه..ويقفون وراءه وقد خدعوا به..فحملوه فوق أكتافهم إلى حيث أصبح وصار.. ** وبدلاً من أن يشكر ربه.. ** وبدلاً من أن ينظف عقله ونفسه.. ** وبدلاً من أن يستبدل كراهته..بحب الناس الذين أكرموه..ووضعوه في أرفع مكانه.. ** وبدلاً من أن يُطهر مشاعره من الداخل..ويخلص لمن تغاضوا عن سوءاته طويلاً.. ** بدلاً من أن يفعل كل هذا.. ** فإنه يمضي في غيه..في غروره..في حقده على من أنعم عليه..وفي قطع اليد التي امتدت إليه بدل أن يقبلها..وفي تجريح من أعزوه..وأعطوه فرصة العمر..وتناسوا سيئ أفعاله.. ** فماذا كان ينتظر.؟ ** وماذا كان يتوقع.؟! ** وماذا كان يخطط له أكثر من هذا؟! ** إن سقوط الظالم..وإن علا..وإن تجبَّر..وإن تمادى في إلحاق الأذى بسواه..يصبح طبيعياً..فالله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل..وعندما يحين الوقت لكي يلقى الظالم جزاءه..ويصبح محل النقمة..بعد أن ركل بقدميه موطئ النعمة..فإنه ينهار لعنف الصدمة.. ** وذلك هو مصير الظالم..طال به الزمن أو قصر.. ** وتلك هي نهاية الإنسان "المتعالي" و "الحاقد" و "الموتور".. ** فاللهم لا شماتة (!) ضمير مستتر: ** ( من يلحق الضرر بغيره..فإن الله يضره في نفسه..وفي أحلامه..وأمانيه ).