سعى الرئيس السوداني عمر البشير أمس الى حشد التأييد الشعبي حوله عشية صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بخصوص طلب مدعيها العام اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني بتهم ارتكاب جرائم حرب واخرى ضد الانسانية في دارفور (غرب). ومع ان موعد الانتخابات الرئاسية في السودان لا يزال بعيدا، الا ان المتابع لحركة البشير يظن للوهلة الاولى كما لو ان الرئيس يخوض حملة انتخابية لا سابق لها، اذ انه ضاعف تصريحاته العلنية واطلالاته العامة بينما تعلن حكومته يوميا دعم هذه المنظمة او تلك لجهودها في مواجهة القضاء الدولي. ومن المقرر ان تصدر المحكمة الجنائية الدولية اليوم قرارها بشأن الطلب الذي تقدم به مدعيها العام لويس مورينو اوكامبو في تموز/يوليو الماضي باصدار مذكرة توقيف بحق البشير الذي اتهمه بارتكاب «ابادة جماعية» وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور في غرب السودان. ويتوقع ان تعلن المحكمة الجنائية قرارها خلال مؤتمر صحافي في لاهاي. وفي حال وافقت على طلب المدعي العام، ستكون تلك اول مذكرة توقيف بحق رئيس دولة يمارس مهامه تصدرها المحكمة الجنائية الدولية التي بدأت عملها منذ العام 2002. وفي احدث تصريحاته، سخر البشير في خطاب القاه امام آلاف السودانيين بمناسبة افتتاح سد مروي (400 كلم شمال الخرطوم)، من القرار المرتقب صدوره عن المحكمة مؤكدا ان من سيصدرون هذا القرار «عليهم ان يبلوه ويشربوا ميته». وقال «اي قرار سيصدر من المحكمة الجنائية الدولية لا قيمة له عندنا وسيكون مصيره مثل القرارات التي سبقته». واكد الرئيس السوداني انه «عندما صدر القرار 1706 (لمجلس الامن بشأن نشر قوات دولية في دارفور عام 2006) قلنا لهم ان عليهم ان يبلوا القرار ويشربوا ميته والآن نقول لهم عليهم ان يستعدوا ليفعلوا به مثل سابقه». واضاف الرئيس السوداني في حفل افتتاح سد مروي ، اكبر مشروع على النيل منذ انشاء السد العالي في مصر قبل اربعين عاما، «سنرد على كل هذه القرارات بمشروعات تنموية جديدة». واعتبر البشير ان «هناك استهدافا للسودان من قبل العالم الغربي لتعطيل مسيرته ولتعطيل مسيرة مشروعات التنمية فيه ونحن لن نلتفت لذلك». ووزعت على المشاركين في الاحتفال آلاف الملصقات الداعمة للرئيس السوداني كتب عليها «نحن معك»، كما طبعت صور لاوكامبو وضع عليها خطان احمران متقاطعان، عمد المشاركون في الحفل الى الدوس عليها. وفي الحفل ايضا حمل رجل مسن مجسما بالحجم الطبيعي للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ووضع خلفه مجسمين لصاروخين اطلق عليهما اسم البشير -1 والبشير -2. ومن المقرر ان تشهد معاقل الحكومة شمال العاصمة، اليوم اي في اليوم المرتقب فيه صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية، العديد من التظاهرات والتجمعات الشعبية الداعمة للرئيس البشير. كما تقرر تنظيم تظاهرات امام «سفارات الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا»، الدول الثلاث الاعضاء في مجلس الامن الدولي الرافضة لتعليق التعقبات القضائية بحق البشير، على ما افاد مصدر دبلوماسي. وفي اجراء احترازي عمدت بعض السفارات الى نصح رعاياها في السودان بتخزين الطعام وتجنب الخروج الى اماكن عامة. وحذر المتحدث باسم الحكومة كمال عبيد الاثنين من حصول «ردود فعل شعبية» في حال اصدرت المحكمة مذكرة توقيف بحق الرئيس، مؤكدا بالمقابل ان الحكومة ستحمي السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية والرعايا الاجانب. وكان الرئيس السوداني رفع الصوت عاليا الاحد بقوله امام تجمع جماهيري ضخم في الخرطوم «اين كانت العدالة الدولية خلال اجتياح العراق وافغانستان والعدوان على غزة والجرائم التي ارتكبت في سجون غوانتانامو وابو غريب (في العراق)؟». ووصل البشير الى رئاسة اكبر دولة افريقية من حيث المساحة في حزيران/يونيو 1989 بانقلاب، ولكن ظاهرة رفع صوره على الطرقات لم تنتشر الا منذ اشهر. ورفعت صور عملاقة للبشير ولافتات داعمة له على الطرقات الرئيسية للعاصمة تذكر السودانيين ب «فضائل» الرئيس و«تآمر» المحكمة الجنائية الدولية. وكتب على احدى هذه اللافتات «البشير رمز عزتنا وكرامتنا»، في حين كتب على اخرى «مؤامرة اوكامبو محاولة يائسة لاذلال الشعب السوداني». بالمقابل أكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو أمس وجود «أدلة دامغة» ضد الرئيس السوداني، مضيفا «لدينا اكثر من 30 شاهدا سيقولون كيف قام (البشير) بادارة وضبط كل شيء». وشدد مورينو كامبو «سنقوم باستئناف القرار» في حال ردت المحكمة طلب المدعي العام بشكل كامل، موضحا انه في حال قبلته جزئيا «فعلينا اتخاذ قرار» حول كيفية المضي قدما، مؤكدا ان ضميره «مرتاح جدا».