هل تعرف طويلاً سقط على أنفه!!؟ لابد أن كل من مر بهذه التجربة القاسية يدرك عظم الجاذبية ومدى تأثيرها على الأجسام.. ولكن؛ رغم تقدمنا الحالي إلا أننا غير متأكدين من طبيعة الجاذبية ذاتها - لدرجة يمكن القول إننا نصف شيئاً لا نعرفه ولا نراه ونكتفي بدراسة آثاره فقط! ومن حسن الحظ أن نيوتن لم يأكل التفاحة حين سقطت بجانبه لأنه لو فعل ذلك لما اكتشف قانون الجاذبية.. فمنذ وجد الانسان على سطح الارض وهو يتساءل: لماذا تسقط الأجسام إلى الأسفل؟ ولماذا تسقط بالسرعة نفسها رغم اختلاف اوزانها؟ ولماذا تختلف سرعة الكواكب حول الشس... ولكن بعد سقوط التفاحة - وأنا شخصياً لا أصدق هذه الحادثة - اثبت نيوتن أن قوة الجذب تقل بين الجسمين كلما ابتعد احدهما عن الآخر.. كما أثبت ان قوة الجذب تتناسب مع كتلة المادة (بحيث ان من يزن على الأرض 60كجم يصبح وزنه على القمر 10كجم فقط لأن كتلة القمر اصغر من الأرض بست مرات)!! ... ومنذ وفاة نيوتن وهناك قناعة كبيرة حول أفكاره عن الجاذبية حتى أتى اليوم الذي سقط فيه أينشتاين من فوق السلم (.. وهذه الحادثة حقيقية)!! فعالم الفيزياء المعروف ألبرت أنشتاين كوّن رأيه الخاص عن الجاذبية بعد سقوطه من على السلم أثناء محاولة تعديل صورة حائطية.. وكما لم يحاول نيوتن أكل التفاحة لم يحاول انشتاين إعادة الصورة لمكانها -كونه أخذ يحلل أسباب قوطه وعدم بقائه طافياً في الهواء -.. وفي حين فسر نيوتن الجاذبية على أنها ( قوة خفية) تتجاذب بها المواد فسرها أنشتاين على انها (قصور ذاتي يتعرض له الجسم).. وكي نفهم قصد انشتاين دعونا نتصور مجموعة من الناس في مصعد انقطع حبله وأخذ يهوي إلى الأرض بسرعة كبيرة.. حينها سيرتفعون عن أرضية المصعد شيئاً فشيئاً حتى يبدؤون السباحة في الهواء (وهذا بالضبط ما يحدث لرواد الفضاء حين يجربون السباحة في داخل طائرة تهوي إلى الأرض).. وفي المقابل يحدث عكس ذلك لو تصورنا أن مارداً من الجن رفع المصعد وانطلق به بسرعة هائلة نحو الفضاء.. عندها سيشعر الركاب ان قوة جذب متزايدة تشدهم نحو ارضية المصعد وان اوزانهم اصبحت اكثر ثقلاً - رغم خروجهم عن نطاق الأرض حيث لا جاذبية أصلاً (وهذا النوع من القصور الذاتي يشبه التصاقك بمقعد السيارة حين تنطلق بقوة نحو الأمام)!! وكما ان ارتفاع المصعد الى الأعلى بسرعة خارقة يشد "الركاب" للأسفل، يؤدي وجودنا فوق أرض تنطلق وتدور بسرعة خارقة الى التصاقنا بها وانجذابنا لسطحها.. وتفسير أنشتاين هذا لا يعارض أفكار نيوتن الكلاسيكية حول الجاذبية ولكنه يعيد تعريفها من كونها "قوة" إلى "حالة" مرتبطة بالحركة والمادة!! .. أما المثير في قصة الجاذبية فهو حلم العلماء بإلغائها أو عكسها في المستقبل.. فإلغاء الجاذبية يعني قدرتنا على رفع الصواريخ "بنفخة هوا" ورفع الجبال "بلمسة إصبع".. أما عكسها فيعني قدرتنا على رفع الطائرات ودفع القاطرات وتحريك السفن بقوة زهيدة وغير مرئية!! ... ولك أن تتصور ذاك "الطويل" يرتدي أحذية مضادة للجاذبية!!