!سبق وأرسلت للقراء -المشتركين في قناة أرقام مدهشة- رسالة مفادها أن الطفل يطرح في المتوسط 400 سؤال يوميا تتضمن لماذا ومن وكيف ومتى وأين؟؟ وبعد هذا السن يتناقص العدد حتى يصل الى 50 فقط في سن البلوغ (حيث يبدأ الذهن بالإصابة بحالة من التلبد والمعتاد يمكن ملاحظتها لدى الكبار)! .. أيضا؛ هناك دراسة روسية تفيد بأن نسبة المبدعين بين الأطفال تصل الى 90% حتى سن الخامسة ثم تنخفض بسرعة الى 10% في سن السابعة - وما إن يصل الطفل الى سن الثانية عشرة حتى تنحدر موهبة الابداع لديه الى 2% فقط. وما يحدث هنا (حسب تصوري) أن 12 سنة من الارشاد والتوجيه -وضرورة اتباع التقاليد والأعراف- تؤدي الى طمس موهبة التمرد والتساؤل والاستغراب لدى الأطفال (وهي المواهب الواجب توفرها في أي عبقري ومبدع)!! فلو تأملت طبيعة الأسئلة التي يطرها الأطفال ستبدو (لأول وهلة) ساذجة وطفولية ومسلم بها؛ ولكن الحقيقة هي أنها أصل العبقرية وأساس الإبداع وطريق المعرفة والاستكشاف.. والعبقري الحقيقي هو من احتفظ (لسبب غير واضح) بدهشة الطفولة وشجاعة الطرح ومواجهة الناس بأسئلة \"بديهية\" لا يجرؤون على طرحها.. وحين أعود بذاكرتي إلى الوراء أتذكر أسئلة طفولية صاعقة في تركيبتها ومدهشة في منطقها وبساطتها.. فذات يوم مثلا كنت أشرح لأحد الأطفال أهمية أكل الخضراوات والفواكة لتحاشي السمنة والبدانة فرد علي ببرود: لو كانت الخضراوات تخفض الوزن فلماذا لا ينحف الفيل؟!.. ليس هذا فحسب بل عاد وسألني: طيب ياعمو فهد: إن كان الجري للأمام يخفض الوزن فهل يزيده الجري للخلف؟!.. أما ابنتي رسيل فكانت تجلس بقربي أثناء مشاهدتي لبرنامج وثائقي عن الطيارين الانتحاريين اليابانيين ففاجأتني بقولها \"لماذا يلبسون الخوذات لو كانوا يريدون الانتحار؟!\".. وعلى نفس المنوال أتذكر أسئلة من قبيل لماذا لا يغرق السمك؟ وليش البحر مالح؟ ولماذا لون السماء أزرق والشجر أخضر؟.. وما لاحظته شخصيا أن معظم الأسئلة الذكية -لدى الأطفال- تقع على الجانب الآخر من الأسئلة الطبيعية المعتادة؛ فبدل السؤال مثلا عن سرعة الضوء قد يسألون عن سرعة \"الظلام\".. وبدل السؤال عن قوة الصمغ يسألون عن سبب عدم التصاقه بالإنبوب (أو عدم التصاق الاسمنت المسلح بقوالب الخشب)؟!! ولأن العباقرة من الفئة النادرة التي ماتزال تطرح أسئلة طفولية ساذجة تمكنوا من اختراق حواجب الغفلة والمعتاد واكتشفوا جوانب جديدة لمظاهر قديمة تحدث حولنا باستمرار.. فنيوتن مثلا اكتشف سر الجاذبية بعد تساءل طفولي (لماذا سقطت التفاحة؟) واخترع مونغوليفية المنطاد بعد سؤال طفولي (لماذا يصعد الدخان الى الاعلى؟) وأديسون المصباح الضوئي بفضل (لماذا يتوهج السلك حين يسخن؟) واكتشف فارادي المحرك الكهربائي بعد إصراره على معرفة (لماذا يجذب المغناطيس الحديد؟).. ولو كان لأي واحد منا الاهتمام الطفولي الكافي لأكتشف ما اكتشفوا ولعرف كيف تعمل خياشيم السمكة وكيف تنساب الطيور وكيف أصبحت البحار مالحة.. وكل هذا يثبت أن طرح السؤال المناسب يساوي في أهميته معرفة الجواب المناسب. فحين تصل بك الجراء للتساؤل عن سبب سقوط التفاحة ستكتشف بالضرورة وجود الجاذبية الأرضية.. وحين تتساءل عن سرعة \"الظلام\" ستكتشف تلقائيا أنه يساوي سرعة \"الضوء\" (كون فتح المصباح في غرفة مظلمة يطرد العتمة بسرعة انتشار الضوء فيها)!! ولأنني أعرف أن معظمكم يخفي الكثير من الأسئلة الساذجة (أو العالقة من زمن الطفولة) يسعدني سماعها منكم على موقع الرياض الإلكتروني.. ... ومن يدري.. قد نفوز سويا بجائزة نوبل.. فهد عامر الأحمدي