في أول زيارة لي لمعسكر المنتخب أثناء التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2002م، قررت تناول العشاء مع نجوم الأخضر لكسر الحواجز ومد جسور التواصل معهم، فلاحظت أن الأكل مليء بالدهون فتحدثت مع "عبدالفتاح" الرجل المصري الخلوق المسؤول عن تغذية نجومنا منذ عام 1985م، منبهاً لكثرة الدهون في أكل النجوم، فقال بلهجته المصرية: "أهو الزيت دا هوا اللي بيلين الركب ويسلك المسائل"، فنقلت الملاحظة لمدرب اللياقة البرازيلي الذي وافقني الرأي، ولكنه قال بأن النجوم لا يريدون تغيير قائمة الطعام، فقصدت كابتن المنتخب "سامي الجابر" فكان رده حازماً: "كل شيء إلا الأكل لا تغيرونه". حملت قناعتي المتواضعة وقلت بيني وبين نفسي: "الشيوخ أبخص"، فالمعني بالقرار هم مسؤول التغذية والمدرب والنجوم، وهم أدرى بالمصلحة، ولكن المدرب الإيطالي "كابيلو" أقنعني بطرق الموضوع مرة أخرى بعد سبع سنوات من المحاولة الأولى، فقد أصدر قراره الحكيم بمنع نجوم المنتخب الإنجليزي من أكل "التشيبس والكاتشب"، وقد ثارت ثائرة بعض "الحرس القديم" من المسؤولين والإعلاميين والنجوم المعتزلين، معترضين على "الإيطالي" الذي يغير العادات الغذائية "الإنقليزية"، ولكن المدرب الحكيم تمسك برأيه وأكد أن العادات الغذائية السيئة تعد أهم العوائق في طريق الكرة الإنجليزية نحو الإنجاز. تخيلوا أن مخترعي كرة القدم، أصحاب أقدم إتحاد (كرة)يسمى اتحاد الكرة بدون ذكر الدولة لحفظ الحق الأدبي بأنه الأول في العالم، وكذلك لديهم أقوى دوري وأفضل أندية، ومع ذلك لم يحقق المنتخب الإنجليزي سوى إنجاز وحيد تدور حوله الشكوك، كأس العالم1966م. من وجهة نظري الخاصة أن "كابيللو" وضع يده على جزء هام من الجرح، فتصحيح النظام الغذائي للمنتخب يشكل خطوة أساسية في طريق التصحيح وتحقيق البطولات. أعود لمنتخبنا وأنديتنا، فالنظام الغذائي لنجومنا لا يعتمد على أسس علمية، ولا يوجد قائمة طعام صحية، حيث الأكل حسب رغبة النجوم، ففي العالم حقيقة معروفة أن غداء يوم المباراة هو "المعكرونة" أو كما يقول الإيطاليون "باستا"، ولكن نجومنا يضربون الكبسة بالخمس فيؤثر ذلك على عطائهم وتركيزهم. معلومة إضافية هامة، حين سافر مانشستر إلى اليابان، قام مسؤول التغذية بتغيير الوجبات حسب التوقيت المحلي فتم تناول الإفطار وقت الغداء حتى لا يتأثر النظام الغذائي للجسم، ولذلك عاد بطل العالم وكأنه لم يقطع نصف الكرة الأرضية. ختاماً، تعودت في نهاية كل عام أن أطرح فكرة "قرار العام الجديد"، بحيث يقرر الفرد ترك عادة سلبية والبدء بعادة إيجابية، وحتى أستنير برأيكم أسأل ببساطة: ماذا ستتركون وماذا ستبدأون؟ وعلى دروب الخير نلتقي.