يرى الكثير ان دور الاشراف التربوي يكمن في تقديم الخدمات الفنية الرئيسة لمساعدة المعلمين على النمو المهني وحل المشكلات التعليمية والتربوية وتحسين اساليب التدريس وتوجيه العملية التعليمية التربوية وجهة صحيحة ولذلك فإنهم أيضا يفترضون وجود العديد من المقومات في المشرف التربوي للقيام بتلك المهمات النبيلة وذلك من خبرة واسعة ممتدة الى قراءة واطلاع مستمر منظم على الجديد مع اهمية التميز في التخصص وتوفر مهارات التخطيط السليم والقدرة على تحليل القياس والتقويم ودراسة المعوقات والإلمام بأساسيات التقويم الذاتي والعديد من الصفات الذاتية كالقدرة على التعامل مع التكنولوجيا والحوسبة والاهتمام بالنمو والتدريب وتربية الاتجاهات الحسنة والأمانة والصبر والتواضع والجدية كما يطلب أولئك المنظرون العديد من المهام التي يفترض ان يقوم بها المشرف التربوي بدءا من القدرة على اعداد الخطة الاشرافية الشاملة مرورا بمعرفة الواقع العملي والاطلاع على التعليمات وتقديم الدراسات التحليلية للمواقف المتعددة ودراسة التوصيات واقتراح اساليب التطبيق والمتابعة ومقابلة المعلمين الجدد والوقوف معهم ومتابعة الجداول والمشكلات الفنية وإجراء البحوث والتجارب وتوزيع مفردات المواد وانتهاء بالمهام الخاصة بكتابة التقارير الختامية عن واقع العمل يضاف الى ذلك العديد من المهام التطوعية والأخرى الخاصة بالطالب والمقررات والمناهج والتوثيق واللوائح والاختبارات والمواصفات الفنية للأسئلة والأجهزة والوسائل والأنشطة الصفية وغير الصفية وعشرات البنود الخاصة بالتنظير لأعمال الإشراف التربوي على الورق. وما يعنينا كثيرا ويعني كل الباحثين عن الحقيقة ليس بالتأكيد ذلك التنظير الجميل الذي يسهب في وصف دور الإشراف التربوي وأهدافه وأعماله كمن يكتب فوق الماء!. اننا بكل تأكيد سنبحث عن تطبيق تلك النظريات فوق الأرض الباردة منذ سنوات طويلة، والتي تغيرت فيها المصطلحات والأسماء من التفتيش الى التوجيه انتهاء بالإشراف سنبحث عن الخطوات الحقيقية والبصمات الظاهرة لما يسمى الإشراف التربوي ومن خلال ذلك اما حياة تسر الصديق او توجيه سليم لكل كوادر وطاقات الإشراف التربوي فوق ارض يمكن ان تنبت الكلا. ولن اخفي واضحا اذا اشرت الى افتقار الميدان التربوي الى الدراسات الميدانية الدقيقة التي تعتمد لغة الأرقام دليلا على المصداقية من حيث تحديد اثر الاشراف التربوي على مر سنوات طويلة، ولن يجد الباحث امامه الا بعض الكتابات المتناثرة التي تضخم عمل الإشراف ودوره او تتجاهله وتدعو الى ايقافه. ان المهمات الكثيرة التي سبقت الإشارة لها والأهداف الكبيرة التي رسمت وترسم امام عيني كل مشرف لن تكون واقعا معاشا لأننا نملك النية الحسنة فقط لتحقيقها، ولكن ذلك يفترض الكثير من الخطوات والدعم والإعداد والكوادر المدربة والتوزيع العادل والمعقول للأدوار. ان المتأمل لسجلات زيارات المشرفين لزملائهم المعلمين وعلى مدى عقود سيجد عبارات كثيرة متشابهة تبدأ بالثناء على ما لدى المعلم من حسنات وتمر على استحياء ببعض السلبيات وتختم بشكر المعلم والمدير، وتمضي السنوات تباعا ونحن نمارس ذات الدور ويعتبر كل منا انه وجد الآباء كذلك يفعلون. لا يشترط بالطبع ان يكون السجل حاضنا لكل ما يدور بين المشرف والمعلم، ولا يمكن تجاهل ما يقدمه بعض المشرفين المخلصين من جهود خلال زيارتين كل عام دراسي (فقط!) ولكن ماذا عن المشرف الذي يزور مرة كل عامين لأن عدد المعلمين المسجلين لديه اكبر من وقته المتاح، وماذا عن المشرف الذي اشغل او انشغل بأعمال اخرى كثيرة صرفته عن مهامه الرئيسة رغبة او رهبة، وماذا عن المشرف الذي لا يملك بعد الخروج من الصف الا ان يلفت نظر المعلم الى اهمية الالتزام بالتحضير الكتابي او اهمية ان يبقى باب الفصل مفتوحا او مغلقا، بل ماذا عن المشرف الذي يزور معلما يتفوق عليه بمراحل في كل النواحي التعليمية والتربوية والفنية وهو الذي اصبح مشرفا تربويا بناء على واسطة او لأنه المتقدم الوحيد!. ماذا عن الأدوار التسلطية التي يمارسها بعض المشرفين والمساومة الرخيصة حول درجة الأداء الوظيفي او الأساليب الفوقية التي يظهر بها آخرون لأنهم لا يملكون من الداخل الا التمظهر بقيمة غير حقيقية. ثم ماذا عن نوعية استقبال المعلمين لتوجيهات المشرف الذي عرفه بعضهم بالإهمال والتلاعب، ورآه آخرون ضيفا ثقيلا باهتا لا يحمل لهم جديدا ولا ينقل لهم خبرة او مهارة ولم يشترك خلال سنوات في حل اية مشكلة. هل يقتصر دور المشرف التربوي على الوقوف صباحا في احد جوانب ساحة الطابور الصباحي كتمثال كريه، ليستقبل برائحة البخور والقهوة فيما ينتظر المعلم المتميز دخوله الروتيني دون ان يحمل له الا اشادات شفوية وهو الذي يرى زميله المقصر المتهاون في الفصل الذي بجانبه لا يبدي أي اهتمام دون ان يحمل المشرف مرة اخرى اي نوع من انواع الردع!. @ مستشار تربوي