؟ماذا يسمى هذا العصر؟ إنه عصر الاكتئاب المختبئ بجدارة ! لماذا؟ لأنه تعدى مرحلة القلق.. تعدى توازنه وبقي يشرد بنا من محطة مرهقة لآخري مزدحمة .لا طاقة هناك للمواجهة إلا بالعودة إلى رؤى و برمجة حياتية جديدة. يعني نعود لأسلوب حياة قديم؟ تعرفين أن هذا غير ممكن ثم اسمحي لي.. كيف كانت الدنيا قبل هذا الازدحام؟أعني ألم يتنحنح هذا الزمن قبل مجيئه.. آلم تحذرنا وقع خطواته القادمة . - ماذا تظنين يا عزيزتي؟ - تلعثمت "آ.. .ظن انه جاء على غفلة.. .صح؟؟ - لا.. خطأ ! لم يأت فجأة فقد بدأ متمهلا في البداية ثم أطبق على أنفسنا. - مرة واحدة؟ - بل مرات.. .و مرات . - ماذا نفعل الآن إذن؟ - ندعه في مكانه.. .ونهرب ! "نبرات ضاحكة تلطف الأجواء" - إلى أين؟ - إلى ذواتنا المنسية إلى احتياجاتها وإلى كل منازل الراحة والهدوء.. إلى المهم في حياتنا وأجيالنا إلى استراحات البدن والعقل.. إلى ابتسامات النخيل والخضرة.. إلى انتظار المطر والسلام . - تأمُّل "حلوة استراحات البدن والعقل.. .أيهما يأتي أولا؟ - كلاهما.. ولكن فلنبدأ بالعقل لأنه الأصعب . - لا.. أريد أن أعود لزمن القلق.أريد أن افهم لماذا يتكلم عنه الناس بكل هذا الاحترام والاهتمام ألأنه مضى؟ - "تنهيدة" لان القلق جميل.. .. "ثانية صمت تعظم الجملة".. ولأنه كان يدفع بنا للحركة والانجاز دون عوائق متوالية .لقد كان الكون يبدو شاسعا في تصوراته.. وفي إمكاناته الجميلة. ينتظر حضارة العلم والخطوة الطيبة يدفعه الحلم. - "صدى التنهيدة" لم أكن ادري أن للقلق كل هذه القدرات . - ولم نكن نحن نعلم بأننا سنقفز إلى مرحلة تالية له بكل هذه الأبعاد المتراكمة. - إن الأشياء تئن في أعين الناس . - ولهذا فهم بحاجة لقيمة الإيمان بالله في نفوسهم وراحة هذا اليقين.. انه أروع استرخاء وطمأنينة للإنسان.. بعدها يأتي دور تكيف الاحتياجات وما يتبعها. - مثل؟ - الدعوة لإخلاء العقل من الأفكار والهموم المستجدة ولو لبعض الوقت.قاطعوا متابعة أحداث العالم قليلا خاصة في الصباح الباكر أو المساء المتأخر لأنها تبصم الإحساس بها طوال الوقت وعودوا إلى جدولة مشاوير الحياة بحياد صحي جديد وكما تقول وصايا علم النفس ابتعدوا عن مصادر الانفعالات والتوتر المتوالية. - "مقاطعة" لا لا إن هذا غير ممكن حتى الناس أصبحت تتسابق في بث همومها . - "اعتراض" ولكننا نحتاج التوقف قليلا فهناك مواقف حياتية وأمور تستدعي إيجاد حلول لها كل يوم ولابد من مواجهتها.. وعليه يجب محاولة ترك استنزاف ذلك التأثير جانبا كي نجد أرضية بناء أخرى، مساحة تأمل فيما هو الأجدر بالمتابعة أو التفاعل. - وإن لم نستطع؟ - نتركها.. ونواجه شيئاً آخر نتحمله أو نفهمه. هكذا إذن.. أنت في الحقيقة تقصدين الهروب الفعلي؟ - ربما. - هل هذه بطاقة تكيف مشاعر عصرية؟ - لا تنسي أن طاقة الإنسان محدودة ولا تتحمل كل هذا الانهمار إلا في حالة واحدة.. عندما يكون علي حساب أولوياته.. كما أنه ليست كل مشاكلنا بنفس الحجم أو الدرجة.. هناك أشياء يجب إن نحررها ندعها تذهب.. وهناك أشياء في داخلنا يجب أن ندعها تتنفس. - انه البقاء على مستوى جديد من الإدراك.