لا أدري لماذا شعرت بأنني قرأت عن هذا الموضوع من قبل، أعني عن اجتماع وزراء الإعلام العرب بالقاهرة وإقرارهم وثيقة تنظيم البث والاستقبال الفضائي والاذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية ربما الحدث كان متوقعا ومطلوبا وربما هي حالة نضج كما وصفها وزير الإعلام د. إياد مدني في كلمته مصارحا بأن الإعلام العربي قد مر بمراحل لا تختلف في جوهرها عن تطور مفاهيم الاعلام عالميا وكيف اننا مررنا من قبل بمرحلة هيمنة الدوجما والرأي الواحد والترويج الايدولوجي واختزال مفهوم الناس واطياف المجتمع في فهم واحد، وكيف ميز دخولنا مرحلة الانفتاح الاعلامي حافز الكسب ايا كانت الوسيلة حتى و لو كانت النتيجة تغريب المجتمع واستلابه وتسطيح وعيه وبدلا من الدوجما جاء الاندفاع غير المسئول على الساحة الاعلامية العربية خاصة البث الفضائي. على طرف التلقي نحن نعلم بأنه واقع نحاوره كل يوم مهمومين ونناقش هيمنته دون جدوى واضحة وندرك بأنه يحتم علينا كمجتمعات نامية تمتثل للجديد و تتفاعل معه دوما ان تتوقف قليلا لمعاينة هذا المارد المؤثرفي حياتنا وفي تشكيل ملامح ووعي اجيالنا النامية وتوجهات وميول تأتي بأضرارها كما هي منافعها التنويرية في آن واحد. وبإفصاح وزير الاعلام المصري انس الفقي في مؤتمره الصحفي أكد بأن هناك قنوات فضائية خرجت عن مسارها الصحيح وان علينا ان نعترف بأن تجاوزات حدثت. فماذا فعلنا اجتماعيا تفاعلا مع هذا الوضع وما كانت النتيجة؟ فشل ذريع كما هو متوقع خاصة فيما يتعلق بعوامل الالهاء وتشبع الاجيال بكل ما يتلقونه دون فرز او تأمل وبدت الفضائيات الترفيهية كلها عربية وأجنبية وكأنها تتوجه لفئة المراهقين والشباب فقط في محاولة تشكيل ذهني ووجداني غامرة لم تعرفها المجتمعات الانسانية من قبل ولم يبد الأمر قابلا للانتقاء او التنظيم كما في مراحل سابقة من وعي المجتمعات بل ان الانهمار آت بكل شيء دفعة واحدة وبدا الحال وكأن هناك مطالب مبطنة تخير تلك الأجيال ما بين الانعزال او التكيف كليا مع اوضاع العصر وكلاهما توجهات غير صحية او واقعية. الحل؟ يبدو ممكنا ان تعاون الاعلام العربي واتفق كما ذكر في الوثيقة بأن يعي اهمية الالتزام بالقيم الدينية و الاخلاقية للمجتمع العربي وحماية الهوية العربية من سلبيات العولمة. ان هذا لا يعني ان المشاهدين هم من يتابعون الفضائيات العربية فقط وبأن الفضائيات الاجنية ليس لها دور او مكان في خارطة التأثير و الهيمنة ولكن خطوة الاتفاق على تأسيس مفهوم جديد لصور الترفيه الواعية والمسئولة في العالم العربي قد تفسح المجال عن توجه حياتي جديد في المجتمعات العربية تعيد لقيمه ومبادئه وقارهما المفقود ويضيء لهما حضورا إعلاميا مؤثرا غالبا ما سيلقي بظلاله على نواحي التفاعل الانساني بشكل جماعي وعام في المجتمع. مثال... لن يمجد الانحراف والجريمة وكأنها بطولة لها مبرراتها المقبولة اجتماعيا كما في بعض الافلام العربية ولن يكون هناك تغريب لعاداتنا الاسلامية الجميلة... ببساطة لن يكون الابتعاد عنها موضة مطلوبة. البنود الأخرى التي جاءت في الوثيقة تكرس مفاهيم التفاعل مع العصر وتتيح للمواطن العربي من الحصول على المعلومة والمنافسة الحرة في مجال خدمات البث واحترام حرية التعبير الواعية والمسئولة واحترام خصوصية الأفراد والامتناع عن انتهاكها بأي صورة من الصور والامتناع ايضا عن التميز القائم على أساس الأصل العرقي أو اللون او الجنس أو الدين وكل هذة المواصفات تدعم لاشك الاقتراح بإنشاء آلية لتنفيذ هذة الوثيقة.