الأمثال الشعبية عصارة فكر الشعوب، ودليل على بعدهم الفكري والثقافي، وقوة الملاحظة والتدقيق، والقدرة على استشراف المستقبل، وتكثيف اللغة من خلال مقولة مختصرة تغني عن مؤلفات من الكتب، ونحن عندما نورد مثل هذا المثل الشعري نذكر من خلاله الى عمق التجربة وقوتها، وندوّن للمتتبع لصفحتنا خلاصة الجهد عبر بيت شعري اصبح مثلا يورد ويستشهد به في أحاديثنا اليومية بالاضافة الى ابيات اخرى تعزز هذا المفهوم الذي نقوم بتوثيقه، ومن هذه الأبيات التي اضحت مثلا قول الشاعر عبدالله اللويحان في قصيدة منها: والطبع ما ينزال غيره بتبديل مثل الجدي مرساه ليله نهاره (والحنظله لو هي على شاطي النيل زادت مرارتها القديمه مراره) هذا مثل يافاهمين التماثيل كلن يجي شعره بحسب اقتداره وهنا يشير الشاعر بدهاء وحنكة الى (الحنظله) وهي نبتة برية شديدة المرارة، والى النيل ذلك النهر الخالد في أرض الكنانة، ذي العذوبة والنقاء، ويزاوج بين الاثنين (العذوبة والمرارة) في إشارة من الشاعر إلا ان السيئ مهما حاولت تحسن فيه لا تستطيع حتى لو أتيت به إلى أفضل الأماكن وأكثرها خيراً ونفعاً فإنه سيبقى سيئاً! وهناك شعراء تناول هذا المعنى من الجيلين كقول احدهم: الحنظلة تكبر وبعرقه مضره كبر بخساره وان تكاثر عددها نشره يغر ولو تظاهر مسره مرة طعم وبذرها في نكدها باللون نظره وفي سقاها مغره بذره دمار وأن تعانق عمدها بينما يقول الشاعر مسفر الحبابي: والحنظله ما تبنت الخوخ.. والتين والسرح ما يجنا العسل من صنوفه