واصلت ندوة "الاسرة المسلمة والتحديات المعاصرة" التي نظمتها مجلة "البيان" برعاية "الرياض" إعلامياً بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد اعمالها بحضور وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وبحضور وكيل الوزارة الدكتور توفيق السديري واكثر من 200عالم ومفكر ومتخصص في شؤون الأسرة. وتناولت الجلسة الاولى من الندوة محور (التماسك الاسري في ظل العولمة) ورأس الجلسة الدكتور خالد الدريس وقُدم فيها بحثان الاول للدكتور وليد بن عثمان الرشودي (الأستاذ في كلية المعلمين بجامعة الملك سعود) وكان عنوانه (التماسك الأسري في ظل العولمة) وتناول فيه مفاهيم الأسرة والعولمة . وعناية الشريعة الإسلامية الفائقة بالأسرة لحمايتها من التفكك، فهي العماد الأول للمجتمع المسلم، والمحصن التربوي الأول الذي يتخرج منه الفرد النافع للمجتمع ولنفسه ولوطنه. وحتى لا يحدث تلاعب في هذا الاستقرار الأسري؛ حث الإسلام على استمرار رابطة الزوجية، وكره قطعها من غير مبرر، وتحدث عن خطورة العولمة وآثارها السلبية سواءً على الأسرة المسلمة، أو على النظام الاجتماعي في المجتمعات المسلمة عمومًا، ومن هذه الآثار: تمزُّق الكثير من الأنسجة الاجتماعية، وتردي علاقة الآباء بالأبناء، وانصراف الأولين عن دورهم التربوي التاريخي، وتهديد النظام الأخلاقي الإسلامي، فمن خلال العولمة يروج للشذوذ الجنسي. ويحاول الغرب استصدار قوانين لحماية الشذوذ الجنسي في العالم، ومن أحدث محاولات العولمة، فرض مصطلح جديد يطلق عليه (Gender) بدل كلمة (sex). وقال إن شبكات الاتصال الحديثة، والقنوات الفضائية، وبرامج الإعلانات، والدعايات للسلع الغربية، تساهم في هذا الجانب وهي مصحوبة بالثقافة الجنسية الغربية، التي تخدش الحياء والمروءة والكرامة الإنسانية، ولقد أثبتت الدراسات الحديثة خطورة القنوات الفضائية - بما تبثه من أفلام ومسلسلات جنسية فاضحة - على النظام التعليمي والحياة الثقافية، والعلاقات الاجتماعية، ونمط الحياة الاقتصادية في العالم الإسلامي. اضافة الى زيادة نسبة معدلات الجريمة، ليس في الدول النامية وحدها، بل في كل الدول الأوروبية الغنية. زيادة معدلات الفقر والبطالة، وتوهين العلاقات الاجتماعية بين الأفراد،والظلم الاجتماعي الذي يصيب الأسر الفقيرة، نتيجة تقليص الدولة للدعم الاجتماعي لهذه الأسر، كما ستؤدي العولمة إلى تشغيل خمس المجتمع، وستستغني عن الأربعة الأخماس الآخرين؛ نتيجة التقنيات الجديدة المرتبطة بالكمبيوتر. وخلص الدكتور وليد الى مجموعة من التوصيات لحماية الأسرة المسلمة من أخطار العولمة . منها توصيات عامة للنهوض بالمجتمع المسلم تتمثل في التمسك بالشريعة الإسلامية. وتبني المنهج الشمولي في فهم الإسلام، الذي يجمع بين العقيدة، والشريعة، والسلوك، والحركة، والبناء الحضاري. وإعادة النظر في مشكلاتنا الاجتماعية، في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية العامة، ومقاصدها، وغاياتها الحكيمة في الحياة، وكشف سوءات مؤتمرات تحرير المرأة والمساواة للجمهور الإسلامي، وبيان مراميها، ومخالفتها لمقاصد الشريعة. والمشاركة الفاعلة في هذه المؤتمرات - إن كانت المصلحة تقتضي ذلك - ، وطرح البديل الإسلامي في المسألة الاجتماعية،وكشف عوار الحياة الغربية الاجتماعية - ما أمكن -. وأوصى بتأسيس مراكز متخصصة؛ لمتابعة النشاط النسوي التغريبي العالمي والإقليمي، ومعرفة ما يتعلق به من مؤتمرات. مع نشر موقف الإسلام من المرأة والأسرة عالميًا؛ وذلك من خلال مبادرات للتحذير من مخاطر الغزو الثقافي والإعلامي للحضارة الغربية، التي تتميز أسرها بالتفكك، والتشتت، وغياب الروابط الدينية والأخلاقية والتربوية فيما بين أفرادها، في مختلف وسائل الإعلام. كما اكد وجوب قيام وسائل الإعلام المختلفة المسموعة، والمرئية، والمقروءة، ثم المساجد، ودور القرآن، والمدارس، بالإضافة إلى الجمعيات، والنوادي الثقافية، والتربوية، والدعوية، بالتوعية بأهمية الأسرة في المجتمع ودورها العظيم إضافة إلى الرد العقلاني الموضوعي على الترهات التي يروجها الغرب، وتوجيه الأسرة العربية العملي لمواجهاتها، بدءًا من إنكار أكاذيبهم، والاستعداد لمقاومتها. وتحدث بعد ذلك المحاضر الثاني في هذه الجلسة وهو الدكتور ابراهيم بن عبدالله الدويش الاستاذ بكلية المعلمين بالرس وكان عنوان بحثه (التماسك الأسري في ظل العولمة) قائلا ان ليس في الوجود دين نظم حياة الناس الأسرية كدين الإسلام، حيث شرع لها من الأحكام والتشريعات والنظم ما تحافظ به على تماسكها، فكان اهتمام الإسلام بسلامة تكوين الأسرة من البداية، ثم اهتم بالتواصل بين أفرادها، فالإسلام أقام نظام الأسرة على أساس ثابت دقيق مستمد من الواقع؛ لكن الواقع اليوم والشواهد والأرقام تؤكد - وللأسف - على وجود بدايات خطيرة للتفكك والانهيار الأسري في مجتمعاتنا الإسلامية بتأثير ما يمسمى ب ( العولمة أو الشوملة، أو الكوكبة). وقد قسم بحثه الى ثلاثة فصول الأول، وفيه ثلاثة مطالب؛ الأول: تعريف مصطلح الأسرة والثاني: ماذا نعني بالتماسك الأسري؟ والمطلب الثالث: تعريف العولمة. اما المطلب الثاني التأثير السلبي اجتماعياً ويشمل كثرة المشاكل الأسرية الناجمة من الانفتاح السلبي والتي بدأت تطفو على السطح، كما أن الساكنة منها تقلق ذوي الاختصاص. وضعف الاحترام لرابط الزواج كعقد شرعي من قبل البعض من الأزواج والزوجات، ولجوئهم إلى الطلاق لأتفه الأسباب. وظهور البيوت الفندقية، ظاهرة عصرية، فالكثير من البيوتات أشبه بفنادق للإيواء في أوقات الراحة فقط!!. وظاهرة الخادمات المربيات للصغار، والسائقين المكلفين ليس بالقيادة فقط، بل حتى برعاية الأولاد. والإغراق في الجانب الاقتصادي العائلي، وانشغال الأبوين في العمل الوظيفي وطلب الرزق وشدة المعاناة المالية. وركز في المطلب الثالث على التأثيرالسلبي أخلاقياً ويشمل سن قوانين وأنظمة تخالف قوانين الأسرة المسلمة المستمدة من الشريعة السمحة، بل وتتصادم مع الفطر السليمة. وسوء استخدام وسائل الاتصال الحديثة من انترنت، وماسنجر، وشات، وبلوتوث، وجوال، ونحوها. وختم الدكتور الدويش في حديثه بعدد من التوصيات من اهمها المطالبة الجادة من الدول والحكومات بدعم الأسرة كمؤسسة تربوية، لها أثر كبير في توطيد الأمن والاستقرار. ووضع استراتيجيات وسياسات أسرية واضحة يتبناها المجتمع ويلتزم بها. ومطالبة وزارة التعليم والتربية بإقرار مادة عن ثقافة الأسرة والمسؤوليات فيها، وقيام الجهات المعنية بعقد برامج تدريبية متخصصة بتوعية الأب بدوره بالتماسك بين أفراد أسرته، وضرورة وضع الخطط في كيفية الاستخدام الأمثل لوسائل الاتصالات الحديثة، والقيام بحملة توعوية شاملة.