إذا أردت القيام ببحث أو دراسة عن الأطفال وغرف الدردشة فإنك حتماً ستتوجه لمحرك بحث لتجد أمامك كماً هائلاً من البحوث والدراسات حول مثل هذا الموضوع الحساس، ولكن عندما تصطدم بالواقع ولا تجد ما يفيدك في المواضيع والدراسات العربية فحتماً ستصاب بخيبة أمل كبيرة. من خلال بحثي عن هذا الموضوع لم أجد سوى دراسات قليلة ومترجمة من باحثين غرب وقد ترجمت إلى اللغة العربية ناهيك عن أن هذه الدراسة في الأصل قد أجريت على أطفال الغرب وليس أطفال العرب ؟ كما تجد أن جّل المواقع والمنتديات قد تناقلت مثل هذه الدراسات دون أن تكلف نفسها عناء نسبها لمصدرها الرئيسي!! و لكن في المقابل عندما تبحث عن نفس الكلمات المفتاحية لمثل هذا الموضوع ولكن باللغة الإنجليزية سوف تصطدم ولكن هذه المرة من الكم الهائل من المواضيع والدراسات والبحوث المتعلقة بمثل هذا الموضوع الهام الذي لا يجب على الأهالي الإغفال عنه. وكي لا يتهمنا البعض بالحكم الجائر على المواقع العربية فقد تجد بعض الدراسات ولكن ليس بحجم اهتمام الدراسات الأجنبية حول استغلال الأطفال عبر شبكة الانترنت. إن الأطفال في الواقع يجهلون أو يتجاهلون مخاطر غرف الدردشة على الانترنت، فقد يختبئ بين طيات الغرف التي وضعت لغرض التعرف والصداقة مخاطر قد تهوي بأطفالنا للحضيض لا سمح الله. وتنبني فكرة هذه الغرف في الأساس على الدخول باسم مستعار بغرض تكوين علاقات بريئة عن طريق الانترنت، ونكاد نجزم أن كثيراً من الأطفال لا يعرفون الهوية الحقيقية لمن يتحدثون إليهم في هذه الغرف، كما تتيح بعض برامج الدردشة استخدام الصوت ونقل الصور وتشغيل الكاميرا، ناهيك عن ما قد يتعرض له الطفل من غرف تشجع على استخدام المفردات البذيئة أو التحدث بأحاديث غير لائقة. وقد أثبتت الدراسات أن كثير من الذئاب البشرية المتربصة في الانترنت قابلت ضحاياها وقامت باستدراجهم في البداية عن طريق غرف الدردشة، كما يتعرض الكثير من الأطفال إلى المضايقات في هذه الغرف، وما قد ينتج عنها من عواقب وخيمة لمثل هذه العلاقات، لأن الطفل في طور هذه العلاقة سيتعرف على شخص مجهول الهوية ينتحل شخصية وهمية وتحت قناع اسم مستعار ليكون مع الطفل صداقة خيالية ينتج عنها إدمان الطفل على الانترنت الذي يسبب مشاكل نفسية كالانطواء والاكتئاب. ففي بريطانيا أثار هروب طفلة بريطانية تبلغ من العمر 12عاماً مع رجل التقت به عن طريق الانترنت مخاطر إغراءات غرف الدردشة على الأطفال. وفي دراسة نشرت في موقع BBC العربية للدكتورة راشيل أوكنل الباحثة في جامعة سنترال لانكشاير أن البالغين الميالين إلى الأطفال يعتبرون غرف الدردشة بمثابة مصيدة يسعون من خلالها إلى التقاط ضحاياهم، فتكون المرحلة الأولى بجذب الطفل هي عن طريق إغرائه للانتقال إلى إحدى غرف الدردشة "الخاصة" ومن ثم محاولة إقامة علاقة حب وثقة مع الطفل ليتمكن من خلالها التعرف على كافة تفاصيل حياته. كما أشارت إلا أنه لا يمكن للآباء من الناحية العملية مراقبة أبنائهم طوال الوقت الذي يقضونه على الانترنت، ولكن يمكنهم توفير بعض الحماية لهم وذلك بتعريفهم بالمخاطر التي قد يتعرضون لها. وفي استطلاع مبسط ومختصر قمت به لمعرفة مدى علاقة أبنائنا بالانترنت، ومدى معرفتهم بغرف الدردشة وإلى أي حد يتدخل الأهل في مثل هذه الأمور : تقول أميرة ( 12سنة) إنها تستخدم الانترنت منذ سنة تقريباً وأن الواجبات المدرسية والأعمال التي تكلفها به مدرساتها هي التي شجعها على استخدام الانترنت وأن أهلها قاموا بنصحها قبل استخدام الانترنت لأنها تعتقد أن هذا من أجل مصلحتها وهم على علم ودراية بأوقات دخولها لأنها تستخدم حاسوب أختها، كما ذكرت أنها ستخدم برامج للمحادثة كالماسنجر ولكنها لا تدخل غرف الدردشة لأن أهلها لا يريدون ذلك، واستطاعت تكوين صداقات عن طريق الانترنت ولكنها لم تتطور إلى حد التعرف الشخصي، أما عند مواجهتها لمشاكل ومواقف غريبة فهي تلجأ دائما لأهلها لأنها وعدتهم بذلك منذ البداية. أما ص.خ ( 10سنوات) فتقول: إن هذه هي السنة الأولى لاستخدامها الانترنت ويقوم أهلها بنصحها إذا أكثرت الجلوس عند شاشة الحاسب الآلي وأنها تستخدم برامج محادثة ولكنها لا تدخل عرف الدردشة وكونت صداقات عن طريق الانترنت امتدت إلى حد تبادل أرقام الهاتف وهذه الصداقات لم تتعرف عليها إلا عن طريق الانترنت. ريم (15سنة) إنها بدأت استخدام الانترنت منذ أن كانت في الصف الخامس الابتدائي وكان ذلك اقتداء بأخوتها الكبار الذين كانوا يستخدمون الانترنت منذ أن كانت طفلة صغيرة، أما عن المواقع الذي كانت تتصفحها هي مواقع للفتيات ومواقع الألعاب الفلاشية كما أنها تهوى تجميع صور الرسوم الكارتونية، ولم تتلق النصح والترشيد من عائلتها وهي من رواد غرف الدردشة وتستخدم الماسنجر، وعند مواجهتها أي مشاكل فإنها تقوم بحلها شخصياً دون إخبار أحد بذلك. إذن وبعد قراءة ما باح به أطفالنا ماذا يتوجب علينا فعله لحمايتهم من مثل هذه المخاطر؟ فعلى المستوى العالمي قامت مدينة في الصين بفرض رقابة مشددة على غرف الدردشة وإلزام مرتاديها باستخدام أسمائهم الحقيقية عوضاً عن الأسماء المستعارة. ووفقاً لنيويورك (رويترز) قامت شركة ياهو بإغلاق غرف الدردشة التي تروج لمواد إباحية للأطفال والمراهقين في غرف باسم (المدارس والتعليم - المراهقة)، وقد قام محقق بدخول غرفة للدردشة على أنه فتاة عمرها 14عاماً وكانت المفاجأة حيث تلقى في 25دقيقة فقط 35رسالة فورية ذات محتوى غير أخلاقي وكان مرسلو الرسائل من البالغين وتعهدت الشركة بتكثيف الرقابة على غرف الدردشة. وعن مصدر موثوق من قناة الجزيرة تعتزم كل من بريطانيا وكندا واستراليا وأمريكا عمل دوريات مشتركة في غرف الدردشة على الانترنت وذلك لما وصل إليه الخطر من هذه الغرف حيث تم القبض على شاب أمريكي نظم عملية انتحار جماعية مع مجموعة من الأشخاص كان من بينهم أم لطفلين كانت تنوي قتلهما ومن ثم الانتحار، بالإضافة إلى قيام شاب بريطاني بالانتحار علناً أمام مجموعة من الناس في أحد غرف الدردشة، وتم تشبيه هذه الدوريات بمثيلتها التي تسير في الشوارع، وغرضها هو بعث الطمأنينة في نفوس المواطنين للوجود الأمني على الانترنت، وقد لاقت هذه المبادرة ترحيباً من مركز حماية الطفولة من الاستغلال. وبعد.. ما دورك كأب وكأم وحتى مرب في حماية أطفالنا من هذه المخاطر التي اقتحمت قعر دورنا، فمن المحال أن تمنع طفلك من استخدام الحاسب الآلي لأنه إن لم يتعلم استخدامه في البيت فسيجد من يعلمه استخدامه ولكن بطرق مختلفة قد تأتي بنتائج سلبية، لذلك فإن من المهم جدا توعية الأطفال وتحذيرهم وبشكل جاد من مخاطر غرف الدردشة مع عدم إطلاق العنان للطفل كي يتفرد باستكشاف خفايا الانترنت بنفسه بدون توجيه أو إرشاد، إذن فالمسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتق الأهل في طريقة تحصين أطفالهم من مخاطر الانترنت حمى الله أطفالنا من كل سوء.