بالأمس فقط ظهر تقرير جديد يضع سعرا عاليا، يقول إنه عادل، لسعر سهم إحدى الشركات المنهكة!! يبدو أنه في الليلة الظلماء تفتقد الحيادية!! لدينا فقط حيث يستطيع أحدهم أن يضع تقريرا عن شركة ما (يجيب سهمها الارض) لكي يجمع فيها المقسوم وآخر يطرح تقريرا يرفع فيه سهما ما في العلالي لكي يبيع المعلوم، ثم يقولون الدنيا حظوظ!! كل ذلك والمستثمر الصغير يتسوق في سوقنا وكأن على رأسه الطير يمارس لعبة (الاستغماية) القاتلة مع اصحاب "مصالح كبيرة" يحركون الاسهم بتقارير خنفشارية سرعان ما تنكشف ولكن بعد أن تكون الطيور قد طارت.. بما لا تشتهي السفن الصغيرة!! يظهر سوقنا اليوم وكأنه "دروازة" مفتوحة على مصراعيها يدخل منها من يشاء ويلقي فيها "تقريرا" كيف شاء ويصطاد ما شاء من الاسهم ثم يرحل كما رحلت أم قشعم!! والمؤسف انه معلوم للقاصي والداني أن بعض من المتطفلين على مهنة التحليل الفني أو الاساسي المهووسين بالتقارير هم في الاصل يديرون محافظ محترمة فيكون العجب بحجم الحوت الازرق: كيف يتأتى لأحد ان يصدر تقريرا ويدير محفظة الا في هذا السوق الذي يرتع فيه من شاء بالسبل والطرق التي يشاء وقديما قيل (من له حيلة فليعمل "محللا متخصصا")!! التقارير الغريبة هذه أصبحت في سوقنا اليوم وكأنها تلك الاتفاقيات المفبركة المسماة (مذكرة تفاهم) حيث يعمد بعض الهوامير الى تمرير اخبار عن توقيع مذكرة تفاهم مع شركة عالمية متلصصة!! او شركة محلية متخصصة لعمل مشروع مغر هنا أو هناك ثم يطيرون (بوضع ضمة على الياء) سهم الشركة ويضاربون فيه مضاربة المكلوم.. وتتكشف الامور لاحقا ان مذكرة التفاهم أصبحت مجرد ورقة يبلها المستثمر الصغير ويشرب (مويتها) فقد طارت الهوامير بالفريسة وهو يلملم محفظته التعيسه!! في كل دول العالم (الصاحي) يكتبون التقارير عادة عن السوق أو عن قطاع من السوق كمثل قطاع الاتصالات أو الاسمنت أو غيره شريطة التزام الحياد التام (ليس كمثل دول عدم الانحياز المنحازة)!! وفي أشد الحالة (ضراوة) يمكن ان يكون التقرير عن شركة معينة ولكن يؤتى به مع كثير من الحذر خوفا من الوقوع في المحظور أو تضارب المصالح أو التطرق الى أمور قد تخدش السرية أو الخصوصية او المصالح الخاصة للشركة وملاكها وهم عموم المواطنين!! ويندر ان يتعرض التقرير الى احتمالات كأن يقول سوف يحدث كذا وكذا (جزما فوق العادة)!! ولن يمارس التقرير عملية تقييم الاستراتيجيات او اللمز في الادارة وعقودها وطريقتها في العمل!! ولكن في سوقنا الواعد تصدر التقارير وفي بطونها تطاول على شركة قائمة وهجوم مفتوح على إدارتها وادائها بما يتجاوز الحيادية وقد يصل الامر الى اغلاق قسري لجميع طرق النجاح المحتمل وهي في الاعمال عديدة وتصل الى حد السرية التي لا يحيط بها الا المديرون المتمرسون.. فكيف بربكم يأتي شخص من خلف مكتب انيق وتحت مكيف سبلت ليقول هذه الشركة لن (تشم) الربحية الا بعد عقد من الزمن البطيء!! يقال (الذي يتفرج ليس كمثل الذي يلعب) ومن الشهير قولهم (الذي يقود الشركة يختلف حتما عن الذي يقيمها)!! فكيف تصدر تقارير تلمز بشكل واضح في شركة محددة وتحيط استراتيجياتها وإدارتها ومستقبلها بالكثير من الشكوك (والشك قد يفل الحديد)!! أو تقارير أخرى تقدم معلومات مغالية في التفاؤل عن شركة أخرى وإرباحها التي ستطاول عنان السماء ونموها وسموها وقدراتها.. الخ وليس سر التفاؤل في الشركة أو الصناعة أو حتى الاقتصاد ولكن السر في المحفظة المتأهبة للتفريغ على المساكين المأخوذين بالصياح في ليلة ظلماء!! فماذا نقول لمن يتفرجون على الشفافية والحيادية وهي تنحر من الوريد إلى الوريد (في الضحى من النهار)!!