خلال بحثي اليومي في الانترنت اكتشفت ظاهرة استغلال بشع للمرأة في مختلف المجالات، واذا كان هذا الاستغلال قد برز ومنذ بدأت التقنية تجد طريقها للإنسان اكان ذلك من خلال الدعاية والاعلان او حتى توظيفها بصورة ممجوجة لاستغلالها بطريقة مباشرة اوغير مباشرة، وبداية منذ أن تفتح بريدك الالكتروني تقفز اليك العديد من الصور التي تبرز فيها المرأة بصورة ما.. فهذه تدعوك لسلعة.. وتلك تدعوك للزواج.. وثالثة تعرض اليك آخر الابتكارات التقنية.. وحتى لو بحثت بصورة عفوية في مواقع مختلفة وبعيدة عن مجالات التقنية.. كالادب والثقافة والاعلام تجد صورة المرأة الجميلة تتمدد امامك بابتسامتها والوان مكياجها وبصورة فيها الكثير من الدلال؟. والمتابع لهذه الظاهرة يكتشف المدى البعيد بل الكبير الذي وصلت اليه صورة المرأة في مختلف وسائل التقنية المعاصرة والتي تمثل الشكل الذي باتت فيه المرأة في هذه الوسائل، عندما كنا صغاراً كانت المجلات تتسابق على وضع صورة الفتيات الحسناوات على اغلفتها لمزيد من البيع والتسويق وحتى الانتشار، وحتى اليوم نجد هذه العملية مستمرة بل لا ابالغ اذا قلت إن هناك مجلات متخصصة في تسويق صور الفتيات الجميلات، بل أن اكثر من مجلة كانت تصرف مكافأة مالية كبيرة للفتاة التي تقبل بتصويرها ووضع صورتها على الغلاف، حتى أن احدى الوكالات المتخصصة في احدى الدول المجاورة لم تردد ان تعلن رغبتها في تصويرالفتيات الجميلات تحت حجة ملكة جمال الغلاف او فتاة الصيف او حسناء الشاطىء. وخلال إعدادي لتقرير سابق عن المجلات والتقنية شاهدت العديد من اغلفة المجلات تزينها صور المرأة وفي مختلف الاوضاع، واذا كان المسرح قد بدأ في الماضي في توظيف المرأة في اعماله المسرحية والدرامية وحتى في وقوفها خارج المسرح حاملة لوحات الدعاية لهذه المسرحية او ذالك الاوبريت، فالاذاعة قد بدأت ومن خلال تقنية الميكرفون تقديم الوانا من الدعاية من خلال استغلال صوت المرأة الجميل والرقيق لتقدم بعض الفقرات الاعلانية بين البرامج، بعد ذلك جاءت السينما لتستغلها اكبر استغلال وبصورة بشعة احيانا معتمدة على عناصر التشويق والاثارة وابراز المفاتن!، سواءً أكانت مغلوباً على أمرها او حتى برضاها من خلال استغلال حاجتها وظروفها المادية الصعبة او لتوقيعها عقودا جائرة لم تفطن لما تحتويه من تدليس وبنود مجحفة. كل هذا ساعد على تواجد المرأة في السينما وحتى في تقديم العروض والاستعراضات المباشرة في المهرجانات والمناسبات. وجاء التلفزيون بتقنيته الواسعة الانتشار ليوظف المرأة كعنصر فاعل في العديد من المجالات خصوصا مجالات التسويق والدعاية والاعلام، فكانت المرأة القاسم المشترك الاعظم للكثير من البرامج، بل أن البرنامج الناجح هو الذي يعتمد على المرأة كمقدمة او مشاركة او حتى مسوقة، ولا شك ان هناك عوامل عديدة ساعدت في تواجد المرأة قد لا يكون من المتاح الاشارة اليها هنا نظرا لمحدودية المساحة التي تدفعنا الى الاختصار وربما عالجنا ذلك في تقارير او تحقيقات قادمة بمشيئة الله، المهم أن هذه العوامل جعلت من المرأة في مجالات التقنية ومنها التلفزيون والفيديو واليوم الانترنت قطب الرحى، وبالتالي جاءت وظيفتها من ضمن عناصر الثقافة الاستهلاكية وفي مختلف المجتمعات في العالم، بل إن بلادنا تعتبر من أقل الدول توظيفا لاستغلال المرأة وذلك لما تتمتع به من عادات وتقاليد ولما تتضمنه بعض اللوائح والانظمة من اجراءات مشددة في هذا المجال، ومع هذا نجد ان وجود صورة المراة كجزء من عمليات وتقنيات التسويق وفي مختلف المجالات بات أمرا معاشا ومشاهدا. واذا كانت المرأة السعودية ترفض رفضا باتا الدخول في مجال توظيف صورها في عالم التسويق والاعلانات فهناك كثيرا ممن رحن يرتدين الزي السعودي وحتى النقاب والبرقع والحجاب لتلتقط لهن الصور كمواطنات وليشاركن في عملية التسويق لمختلف المنتجات والانشطة والفعاليات التجارية. ولاشك ان الاعلانات التجارية وفي مختلف الوسائل والوسائط وما تحتويه تشويق واثارة تحتاج الى العناصر النسائية نظرا لان المرأة ومنذ فجر التاريخ جزء من حياة الانسان بل هي المكمل له وبالتالي فهي عنصر مؤثر بل وفعال في مجال الاقناع والتأثير لذلك نجحت الشركات والمؤسسات التي تعتمد على المرأة في عملياتها التجارية وعلى الاخص التسويقية ومع قدوم الانترنت وما يشتمل عليه من مساحات كبيرة وواسعة تتجدد كل لحظة صار الاعتماد الكبير على المرأة في عملياته التسويقية والترويجية. واذا تجولنا لحظات في مختلف المواقع الخليجية والعربية والعالمية نجد المرأة موجودة باشكال وصور مختلفة حتى المواقع الادبية والثقافية تجدها تركز على صور المرأة الفاتنة والتي تكشف اكثر عن مفاتنها وبالطبع هذه الصور لا تعطي النموذج الحقيقي للمرأة، فالمرأة الانسانة التي خلقها الله لتكون عونا للرجل، ليست هي المرأة التي تستغل في مجالات الدعاية أو التسويق اوحتى الاثارة او الفتنة، المرأة كنموذج حي فاعل وعامل المرأة الام والزوجة والاخت. المرأة التي تعطي لمجتمعها طاقاتها وقدراتها من خلال مشاركاتها ومساهماتها في التنمية وصنع القرار وتربية الاجيال، هي المرأة الحقيقية البعيدة عن الاستغلال والتوظيف الممجوج لجمالها وروعتها كأنسانة خليقة بالحياة الجادة.