في عالم المخدرات شباب مراهقون.. وكبار تاهت بهم السبل.. أرواح قلقة وبيوت مهدمة لا تعرف الاطمئنان.. كم من فتى أضاع مستقبله.. وكم من فتاة تعيش في عالم المجهول.. قصص وحكايات.. ربما لا تراها ولكن ضحاياها وآثارها واضحة لمن يعيشون في دائرة الظلام والوهم.. دائرة المخدرات. ؟ تواصل صفحة الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات حوارها مع المتعافين من الإدمان وهم يحكون مرارة أيام التعاطي وما مروا به من ألم وحسرة في عالم الضياع ليحدثنا أحد التائبين عن حياته قبل وبعد التعاطي وكان معه هذا الحوار: اسمي ط. م، وأبلغ من العمر 25سنة، وحالتي الاجتماعية: أعزب، وأنا طالب جامعي في المستوى الرابع. @ كيف بدأت مأساتك مع المخدرات؟ - أنا كانت بدايتي مع التدخين وأطالب الجميع بعدم الاستهانة بهذا السم والذي اعتبره البوابة الأولى.. رغم أنني كنت أقرأها كثيراً ولكن كانت لا تعيرني شيئاً حتى وقعت فيه وساقني للتعاطي، أيضاً رفقاء السوء وهوى النفس ساعدوني للانحراف إلى المخدرات وكان ذلك في الصف الثاني ثانوي وأحب ان أوضح الحقيقة لمن يزعم بأن الحشيش والكبتاجون أهون من الهيروين فجميعهم أدوات قتل ومدمرة للصحة والمال والمستوى الدراسي. @ ما هي أبرز صور المعاناة التي تعرضت لها؟ - التعاطي أوصلني إلى الانحراف العقدي وبدأت على الأعراض الذهنية حتى وصلت إلى مرحلة الجنون التام والعظمة وحاولت الانتحار داخل مستشفى الأمل أكثر من مرة ولكن لم أجد الفرصة والوسائل المساعدة للوصول إليه، ولقد حاولت ذات مرة في اطفاء السيجارة في حنجرتي إلاّ ان أحد الأخصائيين شاهدني ومنعني عن ذلك بقوة وهذه آثارها كما ترى في حنجرتي. @ موقف حصل لك وتتمنى من الله ان لا يعود هذا الموقف ولا يحصل لغيرك؟ - أولاً الذي أتمناه ان لا أعود للتعاطي مرة أخرى.. والموقف الآخر عندما شاهدت والدي وهو يبكي بسبب انحرافي لهذا الطريق ومن الموافقة أيضاً دعائي على نفسي أمام المرآة عندما أشاهد بشرتي متغيرة وشحوب وجهي كذلك من المواقف التي لا أتمنى عودتها اهانتي لنفسي وتعرفي على المروج الذي سلب مالي وصحتي ولكنني كنت محتاجة لتعاطي المادة التي يفقدها جسمي واعتمادي عليها. وللمعلومة المروج إنسان حقير وذليل ولا ذمة له. والدليل على ذلك ايقاعه لمن هم في عمر الزهور في تعاطي المخدرات من أجل الكسب المادي الحرام. @ هل حاولت البحث عن علاج؟ - نعم وكان ذلك عنوة من والدي أمد الله في عمره والذي يدرك مصلحتي ويهمه أمري وحقاً الآن عرفت أنه صديقي الوفي الذي تسره سعادتي ونجاحاتي وقد غلطت في حق صحتي ومازلت أعاني من هذه الغلطة.. ولكن الحمد لله ان قيض الله لي والداً واعياً ساقته عاطفة الأبوة وثقافته وحرصه عليّ ومساعدتي في العلاج ودخولي مستشفى الأمل والآن مستمر في العلاج وحضور برنامج الرعاية اللاحقة.. وأشكر العاملين فيه على اهتمامهم ومتابعتهم. @ رسالتك لمن يظن ان علاج "أي مشكلة قد يواجهها تكون بواسطة المخدرات"؟ - كان هذا تفكيري أولاً.. وأنا قد بدأت التعاطي متعة ولكن جلبت إليّ المشاكل المتواترة وكل مشكلة أكبر من الأخرى.. وأقول ان هذه النظرية ان جاز التعبير (غلط في غلط). @ مواقف ندمت فيها؟ - دخولي في التعاطي وتمردي على والدي وعدم طاعتي له وعدم استماعي لنصائحه المستمرة.. واقسم بالله أنني لم أحسب لها حساباً ولكن الآن أضعها في الحسبان حتى ولو كان بعيداً عني لما لمسته منه من شفقة أشعرتني بأنه هو من يسعى لمصلحتي ونجاحاتي. @ ماذا تقول للوالدين؟ -أقول لهم لا تقسوا على أبنائكم ولا تذكروهم بأخطائهم السابقة.. وأنصحهم بأن يعدلوا الخطأ ولا تذكره فيه. ومن بلغ سن الرشد من أبنائكم فصادقوهم وتابعوهم بمتابعة تأديب دون تشدد ولا اهانة وذل. @ ماذا تقول للمجتمع؟ - أولاً.. تقبل المتعافي وعلاجه وعدم تهميشه حتى لا يكون مجرماً والوقوف معه حتى يكون سوياً، فالذي يبحث عن علاج من المتعاطين فهو يريد السعادة وتقبل المجتمع له حتى لا يعود للتعاطي وقد عانيت أنا من هذا مع أقاربي الذين كانوا يحذرون أبناءهم مني ومن مرافقتي رغم أنني كنت بحاجة إلى وقوفهم معي ونصحهم لي. وأحب ان أقول للمجتمع الحذر ثم الحذر من الفضائيات التي تعرض أفلام (الأكشن) وتصور متعاطي المخدرات بأنه هو البطل الذي لا يشق له غبار والقادر على كل شيء هذه نقطة هامة قد يجهلها الكثير من أولياء الأمور ومنتشرة الآن ناهيك عن موضة الشباب هذه الأيام وهي الأغاني الغربية المنتشرة الآن في الرياضوالغربية بصورة عجيبة. كلماتها يعف اللسان عن ذكرها وهي تدعو للتعاطي وتلميع صورة من يسلك طريق المخدرات وتعاطيها. @ ماذا جنيت من تجربة التعاطي؟ - جنيت من تعاطي الحشيش والكبتاجون الجنون والله الجنون وأنا في عز الشباب. @ ما هو شعورك بعد التعافي؟ - طبعاً السعادة ورضا والدي وواصلت تعليمي وأنا الآن في المستوى الرابع من المرحلة الجامعية وأحمد الله الذي أنقذني واسأله ان يمد في عمر والدي اللذين هما من عدلوا غلطتي وانتشلوني من هذا الوحل حتى وصلت إلى هذا المستوى التعليمي وإن شاء الله ما حصل لي اعتبرها كبوة جواد ودرس في الحياة وعبرة للآخرين. @ كلمة أخيرة؟ - الدعاء الخالص لوالديي فهما السند لي في العلاج والتفوق الدراسي وهم أول من أنقذني عندما كنت فريسة رفيق سوء وضحية مروج يبحث عن المادة، وأشكر أخي عباس روزي وهو أحد الأخصائيين العاملين في مستشفى الأمل لحسن معاملته وتعاونه ونصائحه التي يسديها لي كل يوم وأشكركم على هذا الحوار وما تقدمه اللجنة من أعمال ضد هذه الآفة التي ما تحل في أسرها إلاّ قلبتها رأساً على عقب.