لعل الاشارات الضوئية المرورية من المنغصات التي تثير حفيظة الكثير من السائقين الذين يكونون في عجلة من أمرهم في كل مكان، ولاسيما عندما تتحول الإشارة إلى اللون الأحمر حال الاقتراب منها - الأمر الذي يجعل أقصر المشاوير ضرباً من العنت والعناء جراء التوقف والشروع في السير ثم التوقف مرة أخرى. بيد أن شركة تصنيع سيارات ألمانية تمكنت مؤخراً من التوصل إلى حل لهذه المشكلة - بابتكارها لجهاز يضمن لك الوصول دائماً إلى الإشارة المرورية عندما تكون مضيئة باللون الأخضر. ويعمل الجهاز الذي يتم تركيبه داخل السيارة على تبصير السائق بمعدل السرعة التي ينبغي له السير بها حتى يتسنى له عبور الإشارة المرورية دونما توقف وذلك من خلال "مخاطبة" وحدات إرسال خاصة مركبة داخل الاشارة المرورية التي قد تقع على بعد يصل إلى ثلاثين ياردة.وقد أجريت تجارب مكثفة على الجهاز الذي يطلق عليه مسمى "ترافوليوشن" Travolution فحقق نجاحاً باهراً لدرجة أنه في احدى مراحل الفحص تجاوزت السيارات جميع الاشارات تقريباً حيث كانت جميعاً خضراء اللون على حد زعم شركة "أودي" التي قامت بتطوير الجهاز. وتقول الشركة أيضاً إن النظام سيكون مفيداً كذلك وصديقاً للبيئة من خلال الحد من انبعاث دخان العوادم لأن قلة فقط من السيارات هي التي ستتوقف عند الاشارات الضوئية المرورية؛ كما أن من شأن الجهاز تحسين اقتصاديات استهلاك الوقود من خلال وضع حد للتوقف والتحرك بطريقة غير فعالة. بيد أن الشركة المصنعة تقر بأن هذه التقنية الجديدة لن تفيد السائقين إذا كانت الشوارع مكتظة بالسيارات وفي الاختناقات المرورية. يذكر أن الجهاز الجديد يعمل على تقنية الشبكات المحلية اللاسلكية (WLAN) ويمكن تركيبه على أي نوع من السيارات. وأشار اتحاد السيارات بانجلترا إلى ان الجهاز - والذي لم يتم بعد إدخاله إلى حيز الانتاج بكميات تجارية - قد يكون حاسماً بالغ الأهمية في الوفاء بمتطلبات مستويات الانبعاث الجديدة المقررة من قبل الاتحاد الأوروبي. وأردفت المنظمة المهتمة بشئون السيارات قائلة: "ان هذا الجهاز من شأنه ان يكون أداة مفيدة للغاية لتخفيض معدلات انبعاث ثاني اكسيد الكربون وتوفير أموال أصحاب السيارات وسائقيها. وبكل حال يلزم اخضاعه للفحص الشامل في العديد من أحوال الحركة المرورية الحقيقية والمختلفة لضمان عدم وجود مشاكل لدى السائقين الآخرين.وخلال عامين من الفحص والاختبارات في مدينة انغولستادت في بافاريا مقر شركة أودي، تمت برمجة مجموعة من الاشارات المرورية الضوئية "الذكية" للاتصال لاسلكياً بسيارة أودي يوجد بها الجهاز آنف الذكر. وفي فحص اشتمل على تقاطعات مزدحمة بالحركة المرورية اتضح ان السائقين بالكاد يتوقفون في الاشارات حمراء اللون وفقاً لما أوردته الشركة. وكان الجهاز قد تم تطويره أصلاً عن طريق جامعة ميونخ التقنية بالتعاون مع شركة جيفاس المتخصصة في تقنية الهندسة المرورية. وقد تحدث البروفسور فريتز بوش المحاضر بالجامعة قائلاً: ان الأساليب الجديدة للتحكم في الاشارات المرورية الضوئية على مستوى الشبكات مع امكانية التواصل بين تلك الاشارات والسيارات الذكية تمثل فرصة يمكن استغلالها لتحسين معدلات انسياب الحركة المرورية. أما كيت ديكسون من شركة أودي بالمملكة المتحدة، فقد تحدثت قائلة انه إذا تم تجهيز ما نسبته 10% من السيارات كحد أدنى في أي مدينة بهذه التقنية فإن جميع مستخدمي الشوارع بتلك المدينة سوف يلحظون تحسناً واضحاً في مستويات الحركة المرورية. واستطردت قولها: "وبطبيعة الحال فإنه إذا كانت الحركة المرورية تشهد تكدساً واختناقات مرورية فإن الجهاز سوف لن يكون مفيداً في هذه الحالة. ولكن إذا كانت السيارات تسير ببطء فإن الجهاز عندئذ سوف يخطرك بمعدل السرعة الذي ينبغي لك السير به لتتفادى التوقف في الاشارة الضوئية. وأوضحت الشركة ان من السابق لأوانه التحدث عن تكلفة الجهاز في حالة ادخاله إلى حيز الانتاج بكميات تجارية. ويتوقع اخضاع الجهاز للمزيد من الاختبارات في العام المقبل.ترى هل يساعد الجهاز السائقين على السرعة؟