تلقت الرياض تعقيباً عاجلاً من مؤسس موقع الفنان طلال مداح (يرحمه الله) محمد سلامة على ما كتبه الزميل رئيس التحرير في زاويته (لقاء) تحت عنوان "لدينا طرب وليس لدينا تمثيل" وإيماناً منا بمنح الجميع حرية التعبير وابداء الرأي ننشر التعقيب كاملاً: إشارة إلى المقال المنشور بجريدة الرياض لرئيس التحرير تركي بن عبدالله السديري بتاريخ 20شوال 1429ه - 20أكتوبر 2008م بعنوان: لدينا طرب وليس لدينا تمثيل اود ان أوضح عدداً من النقاط حول هذا الموضوع الذي كان يتحدث عن ان الفنان المعروف محمد عبده هو الوحيد الذي غنى جميع الألوان واللهجات بينما غيره مثل طلال مداح وطارق عبدالحكيم تنافسوا على الغناء بلون واحد. والحقيقة انه لا يهمنا كمية المدح لمحمد عبده في هذا الموضوع رغم أنها احتوت على مغالطات حيث ذكر ان محمد عبده أول من غنى باللهجة الجيزانية في اغنية (نسيم الصباح) رغم أنها اغنية يمنية قديمة معروفة باسم (نسيم الصبا) وغناها الكثيرون قبل ظهور محمد عبده، كما ان الكاتب استشهد بالسامرية (كريم يا بارق) وهي ايضا من السامريات القديمة التي ليست لمحمد عبده، ورغم ذلك فإننا لا يمكن ان ننكر دور محمد عبده في محاولاته الجادة والناجحة للغناء بمختلف اللهجات والالوان، ولكن اعتراضنا على تهميش دور طلال مداح رحمه الله والذي سبق محمد عبده في الغناء بجميع اللهجات والألوان ولم يكن يوماً منافساً لطارق عبدالحكيم (قائد فرقة، وملحن) في الغناء بالالوان الحجازية، وإليكم الأدلة بالتواريخ. من بداية الستينيات الميلادية وحتى منتصفها (أي قبل أن يسجل محمد عبده في الإذاعة السعودية رسميا) غنى طلال مداح مجموعة من السامريات باللهجة النجدية ومجموعة من الألوان الكويتية والأصوات البحرينية والصنعانيات والعدنيات والدانات المكية وغنى بالجيزانية وغنى المجرور الطائفي ولون الحدري وغيرها الكثير من الوان الجزيرة العربية بل وتجاوز ذلك للغناء بمختلف اللهجات العربية ولكن سنقتصر حديثنا على لهجات الجزيرة العربية لأنها كانت محور حديث الكاتب، وأعيد أن جميع ما سيتم سرده من اغان والوان غناها طلال مداح ليس طوال مشواره فحسب بل في سنوات قليلة فقط تلك التي لم يظهر فيها محمد عبده على الساحة. بالنسبة للاغاني السامرية فقد غنى طلال مداح لعبدالله الفيصل اغنية (عسى الله يفرج) كأول اغنية سامرية سعودية تنتج رسميا باسطوانات وتوزع لتصل لجميع انحاء الوطن العربي بعنوان (العرضة البدوي) وهي من الحان طلال مداح واحتوت على كلمات موغلة في النجدية مثل: ابو وجنة حمراء غشاها الهدب من فوق تكاشف سناها من ورا طرقة الشيلة انا ان ماحصلي من فمه حبة برفوق فباقي حياتي يا هل العرف وشهي له ترى اللي يرد الروح للعاشق المعيوق متى ما سمح سيده وقال اقبل الليلة بعدها بفترة بسيطة قدم طلال مداح في عام 62م اغنية (يطلع ذراعه) من الحان يوسف المهنا وهي سامرية بحتة من كلمات ابن لعبون وهو شاعر قديم، تقول بعض كلمات الاغنية: يطلع ذراعه خابر انه زين قصده بهيج شوقي الخافي يربط به الشيلة كحيل العين قصده عذاب القلب واتلافي والقلب والله ما يلم اثنين مخليه له مرباع ومصياف ثم قدم للشاعر السعودي (المنتظر) سامريتي ياناس انا محروم ويا مسافر على البوينج وهما من الحان طلال مداح رحمه الله. المواصل صعيب ما يجي بالسهالة والصبر وين اجيبه يا عذابي وعوقي ليت قلبك عن المشتاق يعلم بحاله كود يعطف ويرحم يا حياتي وذوقي وبعد ظهور محمد عبده سنوات بسيطة جداً اي في عام 69م قدم طلال مداح مجموعة كبيرة من الاغاني باللجنة النجدية البحتة مثل اغاني يا صخيف الروح، يازين ياطول الليالي، طاول الصبر يالمجمول، كلما طال المدى، وقدمها جميعها في حفلة واحدة بالرياض وهي من كلمات الشاعر فالح. تقول بعض كلمات هذه الاغاني: من اغنية يا صخيف الروح: اشهد ان الموت وسهوم المنايا في عيونك والنحر في كل ساعه خلي لي يازين من عقلي شلايا لو تمنع عنك ما عندي مناعة انت نور العين من كل النحايا وانت علة ضامري وانت النشاعة من اغنية طاول الصبر: كن باقصى الحشا من عقب فرقاك نار دوك جرح الغلا في ظامري ما برى كان رجلك عليها عن مجيئك حيار خل بينك وبين اللي يودك ذرى وغنى طلال مداح غيرها الكثير من السامريات وباللهجة النجدية مما لا يتسع المجال لذكره الان ونكتفي بهذا القدر. بالنسبة لألوان الساحل الشرقي والالوان الكويتية والاصوات البحرينية الصعبة جدا على غير اهلها فقد غناها طلال مداح وهو لم يتجاوز العشرين من العمر وكان اول من قدم اللون الكويتي رسميا على اسطوانة (علامه ما ينابيني علامه) ويقول فيها: علامه ما ينابيني علامه ويخفي ما بقلبه من ملامة ويخلف سنة العشاق عني ويسلى ما يربي في كلامه وهذي صفحة القرطاس عندي قرب لي دواة يا سلامة كما قدم الصوت البحريني في اغنية (يا ساري الليل قوم) وقدمت في اسطوانة رسمية ايضا على العود والايقاعات البحرينية. يا ساري الليل قوم انشد بروق البشامة رد الخبر والسؤال قوماً تراهم بذاك الخيف رزوا الخيام ما بين تلك الرمال وكان طلال مداح يختم الاصوات البحرينية والكويتية بالختمة المعروفة التي يختم بها اهل الخليج هذا اللون من الاغاني (بأم عمر جزاك الله مكرمة) وهو يعتمد على تغيير سريع في الايقاع قلما يجيده من هم من غير تلك البيئة وكان طلال مداح الفنان السعودي الوحيد الذي تطرق لهذا اللون. بالنسبة للأغاني اليمنية والجنوبية في السعودية فقد غنى طلال مداح في الستينيات الميلادية وايضا قبل ظهور محمد عبده وباقي الفنانين المعاصرين اغاني يمنية مثل (من سب اهيف مبرقع) التي يقول فيها: من سب اهيف مبرقع والعبيد اثنين فاعذر فلمن مضينا صرت حيرانا فقلت من انت يا هذا الغزال الزين شليت عقلي ومنك الآن خجلانا لفت عليا وجرد سيف ابو حدين فقلت له الان قتلني لحظ الاعيانا وحواجبه جنبية ترمي من الجنبين واعيان تشعل بي نار غير دخانا ومن الاغاني الساحلية الجنوبية اليمنية غنى (سرى الليل) ويقول فيها: سرى الليل يانايم على البحر ماشي فايدة في منام الليل حل أم سرية كما قدم بلهجة أهل شمال المملكة اغنيته الشهيرة: (حايل بعد حيي) وهي من كلمات مسلم البرازي والحانه رحمه الله. وقدم من الوان الفلكلور الجنوبي وكان ذلك في الستينيات ايضا. ومن الوان الطائف (المجرور) قدم طلال مداح الكثير بنسخة أصلية وفي الستينيات الميلادية مثل (يا ساجعات الحمام) و (يامن بقلبي غلا) واغنية فوزي محسون الشهيرة (عشتقه) والعديد من الوان المجرور الأخرى. ختاما احب ان اشير إلى ان ما استعرضته في هذه المقالة يمثل بدايات طلال مداح فقط، وبعدها استمر طوال مشواره الفني في تقديم جميع الالوان والايقاعات واللهجات، بل وتجاوز ذلك وغنى بجميع اللهجات العربية تقريبا المصري واللبناني والسوداني والتونسي وايقاعات مغربية والوان عراقية واردنية وسورية، ولكن اقتصرت في امثلتي على الوان الجزيرة العربية ولم يمنعني من الاسهاب اكثر إلا عدم اتساع المجال لذكر المزيد من الأمثلة. ونحن كجمهور لطلال مداح نعتب كثيراً على الأستاذ تركي السديري تجاهله الواضح لهذه الاعمال والالوان وما قدمه طلال مداح في مسيرته الطويلة، ونكرر أن اعتراضنا ليس على ان محمد عبده غنى الكثير من الالوان واللهجات فهو فنان كبير جدا بلا شك وفخر للمملكة بل كان اعتراضنا ان طلال مداح لم يغني الوانا اكثر فحسب بل وسبقه وسبق جميع فناني وطنه في هذا المجال وتم تجاهله في هذا المقال بصورة لا ترضي أي متابع. محمد سلامة - مؤسس موقع طلال مداح الالكتروني المحرر: - الموضوع لم يكن مفاضلة وإنما كان إشارة وبإيجاز إلى تطور الاغنية، والتركيز على دور محمد عبده لا يعني عدم الاعتراف بغيره ولكن تم اختياره كنموذج، أما الإشارة إلى تميز مسلكية محمد عبده الفنية فهي إنصاف لهذه النموذجية الجيدة خصوصاً وأننا نرى غيره من المطربين العرب لا تقدمهم اصواتهم وألحانهم وإنما عرض اجساد من يقرصن مع اغانيهم.