تجربة الإنسان مع المرض أياً كان نوع المرض تجربة تثريه وتعلمه أشياء كثيرة عن نفسه، فالمريض وذووه يبحثون عن العلاج في أي مكان خاصة حين يكون المرض مزمنا أو شديدا أو لا يتجاوب مع العلاج الطبي، لذلك يبحثون في الوصفات الشعبية وفي العلاجات البديلة وفيما يقوله الجار أو الأخت أو الصديق أوالقريبة حين يبدأون الحديث ب: "أبو فلان جرب هذه الوصفة وشفي تماما"، ويمكننا أن نتفهم حالة المريض هذه وسعيه للتعلق بقشة بحثا عن الأمل، كفانا وإياكم شر المرض. فلا أحد يحب المرض ولا أحد يسعى له ولا أحد يريد أن يكون زائرا مستمرا في العيادات و مراكزالطوارئ ولا أحد يريد أن يستلقي على سرير المستشفى ولو للحظة. السبب في هذه المقدمة هو حوار جرى أمامي بين شابتين في العشرينيات من العمر عن عمليات التجميل، حيث أخذت كل واحدة منهن تعدد للأخرى أسماء الأطباء الذين ذهبت لهم من أجل إجراء جراحات تجميلية وهنا لا أتحدث عن الجراحة التجميلية الملزمة لتعديل عيب خلقي بل أتحدث عن جراحات تجميلية اختيارية، يمكننا أن نصفها بالكماليات. هذا الحديث جر معه أحاديث أخرى عن كميات الجراحات التجميلية التي يسعى البعض للحصول عليها وعن كثرة العلاجات التجميلية من حقن وتقشير ووشم ونفخ وغيرها. كل هذا دفعني للتفكير عن السبب الذي يجعل الإنسان وهو في صحة سليمة أن يعرض نفسه لأعراض جانبية والأخطار التي قد تحدث من جراء عمليات جراحية لا داعي لها، خاصة وأن كل مريض يتمنى الخروج من المستشفيات والابتعاد عن الأطباء؟ هل هناك فرق بين مشاعر المريض وبين مشاعر شخص قرر أن يخضع نفسه لجراحة تجميلية لا داعي لها؟ هل يمران بنفس مشاعر الترقب والخوف والنظر في الاحتمالات؟ من حديث الفتاتين وغيرهما كان هنا إحساس عام بأن هذه الجراحات والعلاجات مجرد رحلة صيفية رغم أن الواقع يقول غير ذلك. ما الذي يجعلك تُخضع نفسك لمبضع جراح في سبيل أن تكون صورة مكررة غير حقيقية؟ هل هو الهوس بالكمال الجسدي الذي نفسره حسب مفهوم أعوج؟ هل هو عدم اقتناع داخلي بأشكالنا؟ هل هو تأثير الآخرين في محاولة لرسم صورة نمطية للشخص "الكول" أو العصري أو الجميل أم أن هناك تسويقاً غير حيادي لهذه العلاجات والجراحات؟ في النهاية العاقل هو خصيم نفسه... لكنني فقط أتساءل وقد أجد إجابة لديكم!