إلى الأستاذ/ بدر العشري حين كنا في لندن -1- في المدينة التي تنبشُ الحبَّ في القلب وفي زاوية الرصيف كنت أنا وهو بعدما ملَّكني أمانةَ الحب ورحل جلست مع الوحدة أتحدثُ إلى الصمت وأضحك للفراغ وأمد يدي في الهواء فالمدينةُ التي أسكُنها ضجرت من نبشِ الحب في القلب أصبحتء كالأنثى المحرمة وغدت كل الأمكنة فارغة تنتظرُ ذكرياتٍ كانت لنملأ سوياً زاوية الرصيفِ بالكلماتِ والضحكات بعد جفاف لم تشهدءه من قبلُ زاويةُ الرصيف التي أصبحت فقيرة في مدينة فقيرة لا تنبشُ الحبَّ في القلب -2- هناك من يصنعُ الحبَّ في الأماكن المقفرة فكل الأماكن تبدو فارغة حين لا تأتي الذكريات تبدو عاديةً كسائر الأماكن حين نمرّها عابرين دون أن نترك بسمة أو كلمة أو موقفاً وكلُّ الأماكن تبدو مظلمة لا رائحة لها لا تصنعُ الذكرى ولا الوقوف هي الأماكنُ التي مررتُ بها من دونه -3- كان هنا يملأ الأماكن بكلمات ترك لي حديثاً طويلاً وبسمةً صادقة ترك كلَّ هذا وترك هذه الزاوية ورحل أيها العابرُ من أمامي ألم تشمَّ رائحتهُ ألم يوقفك حنينُه حين كان يشتاقُ لمدينته أيها العابرُ من زاوية الرصيف هل تبدو لك هذه الزاويةُ ككلِّ زوايا الأرصفة قف هنا عند هذه الزاوية حتماً ستشعرُ به ستكلّمه وستتعلمُ البسمة الصادقة قف معي دعنا ننتظرهُ تحدثء معي قليلاً قل كلمةً أو ابتسم فالبسمة يا هذا تخلّد الأمكنة اسألني عن اسمي ومن أي بلد قدمتُ ولماذا أنا هنا واقفاً تحت المطر؟ سأجيبك باسمه فقط -4- كان هنا والبارحة رحل تركني وحيداً وترك لي هذه الزاوية بعدما ملكني الحبُّ ورحل... وحيداً أرى العابرين لا أحد يتوقفُ ولا أحد يلتفت أيها العابرُ مدَّ يدكَ وامسح دمعتهُ كانت وفيةً لبلده ويكفيني هذا أيها العابرُ لأشعرَ أن هناك إنساناً قد مرّ من هنا بعده