حذّر خبير أمني من تنامي مشكلة العنف الأسري التي بدأت تغزو المجتمع السعودي والتي لم تعد - بحسبه - محصورة في فئة بعينها أو مدينة وإنما امتدت لأكثر من ذلك مخلفة كثيراً من الفواجع والمآسي في هذا المجتمع الآمن حيث لم يكن العنف معروفاً بهذه القسوة لكن في ظل المتغيرات فإنه يتحتم على الجهات الأمنية ان تتعرف إلى أسبابه وكيفية علاجه لكونها جهات ضبطية يلجأ إليها بعضهم في حالات العنف الأسري. وواصل مدير الأمن العام لشؤون الأمن اللواء دكتور علي بن سعود السهلي تحذيره من توسع مشكلة العنف إذا لم يرافق ذلك علاجاً شاملاً لها. جاء ذلك خلال كلمته لدى رعايته نيابة عن مدير الأمن العام الفريق سعيد بن عبدالله القحطاني الملتقى الخاص بالحماية الاجتماعية الذي ينظمه الأمن العام ويختتم اليوم. وقال اللواء السهلي ان هذا الملتقى يأتي ضمن الأطر الأمنية المتواكبة مع الأوضاع الراهنة تحقيقاً للتوجيهات من لدن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية مشيراً إلى الاختلاف الحاصل حول مفهوم العنف بين الأمس واليوم في المجتمعات، فالعنف في الماضي كان نابعاً من قسوة الحياة والتطلع إلى بناء الإنسان القادم والقادر على حمل المسؤولية، أما اليوم فقد أصبح يأخذ اشكالاً متنوعة ومتعددة. وعلل السهلي احتضان رحال الأمن العام هذا الملتقى رغبة في الاستئناس بآراء أهل الاختصاص والممارسين لدعم مثل هذه المعالجات والاطروحات لحماية المجتمع من أشكال العنف. وأضاف: "ان مشكلة العنف الأسري قد تتوسع إذا لم يرافق ذلك علاجاً شاملاً لهذه المشكلة وان الأمن العام كجهة مسؤولة يسعى إلى توفير الحماية اللازمة لدرء العنف وتحقيق العدالة والرحمة داخل الأسرة مؤكداً ضرورة توفير مؤسسات حماية وإرشاد لمن يتعرض للعنف الأسري، كما يجب منح الاختصاصيين الاجتماعيين النفسيين دورات تدريبية متقنة لكيفية التعامل مع حالات العنف الأسري التي بدأت تظهر إلى السطح إضافة إلى تكثيف جوانب التوعية والارشاد من قبل مؤسسات المجتمع المدني وتأكيداً للحديث الشريف: "كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته" مع ضرورة تفعيل شراكة العمل مع وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأخرى المعنية ومختلف وسائل الإعلام للتوعية من هذه الاشكالية للمجتمع من منطلق ان الإسلام يحارب العدوان سواء كان بالجسد او اللفظ. "الاعتراف بالعنف والتوعية به اولى الحلول" وجاءت الأربع ورقات المقدمة في الملتقى في يومه الأول متوافقة في أبعادها ومضامينها حيث ركزت على ضرورة الاعتراف بوجود ممارسات للعنف الأسري في المملكة على نطاق يستدعي الاهتمام والتدخل بصفة عاجلة للتصدي لها والوقاية منها مع التأكيد على تحقيق قيم الشريعة الإسلامية وتهميش دور أية موروثات اجتماعية سلبية تروج للعنف الأسري او تدعو لتقبله وطالبت الورقات باستخدام ادارات تعنى بالوقاية والتصدي للحد من العنف الأسري في المملكة وتدريب وتأهيل المهنيين المتعاملين مع حالات العنف الأسري في مختلف الجهات وفي كافة مناطق المملكة كفريق متكامل متعدد التخصصات. ففي الورقة الأولى وعنوانها (ايضاح ابرز ما اتخذ لضمان الحماية الاجتماعية في المملكة) للواء عواض بن مغيران الحربي مستشار مدير الأمن العام اشار الى عدة نقاط ووقفات اكد فيها ان الحماية الاجتماعية لا تقف عند حد تجريم كافة اشكال العنف البدني والنفسي ضمن نطاق الأسر، بل تمتد إلى حماية الحقوق الانسانية بمفهومها الواسع، وان انتهاك تلك الحقوق هو الكامن في الغالب خلف ذلك العنف واننا اذا اردنا ان نحمي فرداً من افراد الاسرة يجب ان نقف على الاسباب الكامنة خلفه والمؤدية إليه كما اكد اللواء الحربي على ان حقوق الانسان في الاسلام خصائص لا تتوفر في أي تشريع آخر وان الاسلام كرم الانسان واعتبر حقوقه من الواجبات والضرورات التي لا تستقيم الحياة إلا بها منوهاً بما للشريعة الاسلامية من فضل السبق على كافة المواثيق والاعلانات والاتفاقيات الدولية التي تناولت حقوق الانسان منذ اكثر من اربعة عشر قرناً. بعدها استعرض اللواء الحربي بصورة مقتضبة اهم حقوق الانسان والنصوص الحافظة لها في الاسلام وفي انظمة المملكة المبنية عليها كحق الحياة، والكرامة الانسانية، وحق الحرية الطبيعية وحق الحرية الاجتماعية وحق الامن والعدل والمساواة وحق المرأة، وحق الطفل وكذلك حق العمل والتملك والتعليم والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية بعدها قدم مشروعين عن نظام حماية الطفل ونظام الحماية من الايذاء. اما الورقة الثانية فقد قدمها الدكتور ماجد العيسى المدير الطبي لبرنامج الأمان الأسري ركز فيها على أهمية الجانب التوعوي بالعنف الأسري وضرورة معرفة الأفراد بحقوقهم وكذلك ادراج الحقوق. اما الورقة الثالثة فقد كانت بعنوان "آلية التعامل مع قضايا العنف الأسري بمراكز الشرط" قدمها العقيد صالح بن عبدالله السويد مدير شعبة الأنظمة الجنائية بشؤون الأمن سلط فيها الضوء على الآلية التي تتعامل بها مراكز الشرط مع قضايا العنف الأسري اشار قبلها الى الأمن العام بكافة فروعه ومن خلال ممارسته في مباشرة الحوادث بعد وقوعها حيث حذر العقيد السويد انه من خلال قنوات الرصد والاحصاء وما يظهر من تكرار وقوع بعض الحوادث وحوادث العنف الاسري بشكل خاص والتي ترتكب بأسلوب اجرامي شنيع خاصة على الاطفال والنساء كقضايا انتهاك اعراض المحارم تحت التهديد قد يصل الى القتل وهو ما ينذر بتكررها لربما تكون ظاهرة اجرامية يجب الوقوف عندها ودراستها من قبل ذوي الاختصاص لوضع الحلول المناسبة التي تحد من وقوعها ما دعا للرفع لمقام وزارة الداخلية من قبل الأمن العام بطلب التوجيه لدراسة موضوع "العنف الأسري" وقد شكل لجنة من وزارة الشؤون الاجتماعية والأمن العام ورفعت توصياتها لمقام وزارة الداخلية ونوه العقيد السويد بأن الأمن قام بدوره حيال التعريف بإدارة الحماية الاجتماعية التي تم استحداثها بوزارة الشؤون الاجتماعية لجميع الجهات والأفرع ذات العلاقة بالأمن العام والتي تقوم بجميع فروعها بالمملكة بتقديم الحماية للطفل دون سن (18) سنة والمرأة أياً كان عمرها لحمايتها من الايذاء الجسدي أو الجنسي أو النفسي أو هضم حقوقها المشروعة بعدها استعرض آلية تعامل مراكز الشرط مع قضايا العنف الأسري، مشيراً إلى أنها تباشر هذه القضايا بشكل عام وقضايا العنف الأسري بشكل خاص وتقوم باتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية لمنع وقوعها عندما ترد معلومات توصي بتعرض أياً كان للعنف وتباشر تلك التي وقعت بالفعل وتتعامل معها حسبما تقتضي الأنظمة وقال: مراكز الشرط يعتبرون من رجال الضبط الجنائي الذين يقومون بالبحث عن مرتكبي الجرائم وضبطهم وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام وأن الجهات الأمنية التابعة للأمن العام تقوم بتطبيق نظام الإجراءات الجزائية في المهام التي تباشرها هيئة التحقيق والادعاء العام إلى أن تتمكن الهيئة من ممارسة اختصاصها في المناطق والمحافظات والمراكز بعدها عرج العقيد السويد على تعريف العنف الأسري وأنواعه وكذلك ضحاياه من الأطفال والنساء والمعوقين والمسنين وختم ورقته بتناول أبرز مسبباته كضعف الوازع الديني وتعاطي الكحول والمخدرات والأمراض النفسية واضطراب العلاقة الزوجية بين الزوجين وكذلك العادات والتقاليد التي ما انزل الله بها من سلطان. أما الورقة الرابعة فقد كانت بعنوان (المسؤولية الاجتماعية ومكونات المواجهة ضد العنف الأسري) للدكتور المأمون السر كرار من مركز القدرات والقياس تناولت موضوع المسؤولية الاجتماعية ومكونات المواجهة ضد العنف الأسري وذلك بهدف مناقشة هذه الظاهرة والاسهام في التقليل من آثارها الضارة قدر الإمكان عبر منهجية علمية تتسم بالفهم الدقيق من خلال تكامل وتعاون يجمع بين كل المهتمين بالمواجهة المجتمعية ذات العلاقة لايجاد مزيد من الحلول الفاعلة والداعمة، وقد جاءت الورقة في سبعة محاور ركزت على التعريف بمفهوم العنف الأسري وشرح موجز لأسبابه واتجاهاته عالمياً ومحلياً وركز المحور الخامس على الدراسات التي تناولت العنف الأسري في المملكة بينما خصص المحور السادس لنظرة الإسلام المناهضة للعنف بشتى أنواعه وأفردت الورقة المحور السابع للحديث عن آليات المواجهة من خلال مناقشة موجزة لتلك الآليات المتمثلة في مؤسسات التوجيه الأسري ومؤسسات التربية والتعليم والمؤسسات الدينية والإعلامية والأمنية إضافة إلى آليات أخرى للمواجهة.