تتواصل مشكلة الشباب في البحث عن وظيفة والتنقل بالملف العلاقي بين الشركات وديوان الخدمة المدنية، وتختلف أسباب رفض الشباب وعدم قبولهم للوظائف أما لعدم تمكنهم من اللغة الإنجليزية رغم دراستهم باللغة العربية أو للواسطة التي هي أقوى منهم أو لقلة الرواتب مقابل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار. "الرياض" التقت عدداً من الشباب الذين تخرجوا من الكليات والجامعات وخريجي الثانوية حيث تحدثوا عن معاناتهم في رحلة البحث عن وظيفة. تخصص مطلوب ولكن في البداية تحدث الشاب عبدالرحمن المسعري خريج كلية التقنية (دبلوم الكترونيات صناعية وتحكم)، يقول: قبل التخرج كان لدي امل كبير في أن تخصصي مرغوب ومطلوب في بلادي ولكن صدمت عند التخرج بالعزوف عني لانني لا احمل اللغة الإنجليزية ولكن ماذا افعل اذا كانت الدراسة بالكلية باللغة العربية، كيف تكون تخصصاً يحتاجه سوق العمل وفي نفس الوقت لا يتم تنفيذه بالشكل الذي يناسب السوق فعليا ! مسئولية من؟ ويواصل: طالبت كل جهة توجهت لها بضرورة اتقان اللغة الإنجليزية ولكن بحكم الظروف وتقاعد الوالد لم اقدر على الالتحاق بمعهد خاص لدراسة اللغة لانني لا اطيق تكاليفه المادية، فكان ان اغلقت ابواب التفاؤل وتحطم الأمل في نفسي، وقلت اذن لابد ان اتجاهل تخصصي لبعض الوقت، وتقدمت الى وظائف عديدة وقبلت في وظيفة بشركة مشغلة لكبرى المستشفيات في العاصمة وسعيت بكل جهد مابين مقابلة واختبار وفي النهاية عند قبولي ولحظة توقيع العقد صدمت بأن الراتب 1.500ريال وبدل مواصلات 200ريال أي ان الراتب كاملا 1.700ريال فقط! لم أصدق الرقم فهل يعقل لدبلوم جامعي متوسط هذا الراتب وماذا نفعل بهذا الراتب في ظل غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة اليومية التي تقضي على الأخضر واليابس من فواتير وايجارات وطلبات وغير ذلك مما اصبح معروفا ويعاني منه الجميع. لم آخذ الوظيفة وتقدمت الى مكتب العمل استجابة لحملة مكافحة البطالة التي تتبناها وزارة العمل وارسلوني لمصنع في طريق الخرج بالصناعية وعندما اتصلت على المصنع لاخذ خريطة الموقع رداً علي شخص من الجنسية العربية وبلغني انهم طلبوا من مكتب العمل عمالاً براتب لايزيد على 1.300ريال وانه يظلمني اذا طلب مني الحضور اليهم دون ان اعرف الراتب واوافق عليه فاسقط في يدي... وينهي المسعري حديثه قائلا: "لقد تعلمنا في الكلية في مادة سلوك وظيفي ان الاقتصاد الوطني يعتمد على العناصر البشرية فاذا كنا نحن ابناء البلد لم نجد لنا مكانا في بلدنا اين نذهب، الشكوى لله سبحانه وتعالى.. رحلة الملف العلاقي ومن المدينةالمنورة يحدثنا الشاب ناجي سند الجابري الحاصل على (دبلوم الكلية التقنية تخصص حاسب آلي ودعم فني) بمعدل عام جيد قائلا: "بدأت رحلة الملف الأخضر "البطالة" من سنة وتحديدا عندما تخرجت بتاريخ 1428/8/15ه حيث عملت برئاسة الحرم النبوي الشريف في موسم رمضان والحج بمكافأة مقطوعة. ثم تقدمت على عدة وظائف وسافرت الى عدد من مدن المملكة بحثا عن الرزق الحلال في ظل هذه الظروف من ارتفاع الأسعار وزيادة المصاريف، وحاولت ايضا اكمال دراستي للحصول على "البكالوريوس" واختبرت مرتين ولم أوفق بسبب معدلي.. ارسلت سيرتي الذاتية لعدة شركات وعدد من البنوك، اما الشركات التي اجابت طلبي فقد كانت تحدد الراتب عند 1.500ريال، وهو مبلغ صغير للغاية لا يمكن ان يفي بمصاريف السيارة او المصاريف الخاصة ناهيك عن ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.. هذا فيما يتعلق بالشركات اما البنوك فلم يصلني سوى رد واحد من بنك بجدة هاتفوني وطلبوا حضوري صبيحة اليوم التالي وعندما وصلت وقبل اجراء المقابلة الشخصية رفضوني بحجة اني اقل من 24عاما رغم ان تاريخ ميلادي في سيرتي الذاتية التي بين ايديهم ويعرفون عمري قبل استدعائي.. وأما عن الوظائف الحكومية يقول الجابري: "تقدمت الى العديد منها، وهي كالتالي: الوظائف العسكرية التي لم اوفق فيها لانهم يشترطون ان يكون الطول 168سم وطولي 164سم ويعلم الله كم اتمنى ان اخدم وطني في هذا القطاع. وفي الوظائف المدنية تقدمت على وظيفة فني حاسب في المؤسسة العامة للتدريب التقني ولم أوفق فيها، وتقدمت على وظيفة محضر مختبر في جامعة حائل في شهر شوال الماضي، ثم اجرينا اختبار المسابقة في شهر صفر بمدينة حائل وقالوا لنا: بان النتائج سوف تكون بعد اسبوعين، ومازلنا ننتظر الى الآن منذ اكثر من خمسة اشهر، وتقدمت ايضا على الوظائف التعليمية وتم اجراء المقابلة الشخصية بجدة، واجتزتها ولله الحمد في شهر جمادى الأول الماضي ومازلنا ننتظر النتائج الى الآن أكثر من شهرين. وينهي ناجي حديثه قائلا: "انني بعد هذه الرحلة اطلب من المسؤولين النظر في شباب هذا البلد الذي كله امل بأن يخدم بلاده ويحفظ امنه واستقراره في ظل قيادتنا الرشيدة، والمحافظة على هذا الشباب الذي يتفجر طاقة وحماساً والاستفادة من هذه الطاقة فيما يخدم الوطن بدلا من ان تهدر الطاقة فيما لا يفيد بل احيانا يضر. تجاوزات من نوع آخر ومع الشاب بدر راشد بن دهيش الحاصل على دبلوم ثانوي تجاري (تخصص أعمال مكتبية) قبل عامين بتقدير عام جيد جداً، ننهي جولة التجارب الشبابية للحصول على وظيفة وان بدر لديه خبرات عملية في التدريب التعاوني وسبق ان عاش تجربة التوظيف الصيفي في قسم الموارد البشرية بأحد الشركات ولديه مهارة في استخدام الحاسب الآلي، يحدثنا عن رحلة بحثه عن وظيفة قائلا: "كما ذكرت أنا احد خريجي الثانوية التجارية. لم أحب فكرة الجلوس (عاطلا) بعدما انتهيت من دراستي الدبلوم بدأت البحث وقدمت على أكثر من وظيفة في شركات مختلفة مع العلم أنني لم أتقيد بمجال معين لأنني احتاج للوظيفة، وبعد التقديم تلقيت اكثر من اتصال من عدة شركات وقمت معهم بالإجراءات المعتادة الاختبار والمقابلة الشخصية، وكنت اجتازها بنجاح والحمد لله. واخرج على أمل أن يعاودوا الاتصال ولكن المشكلة لا أحد يتصل بخصوص التوظيف. في أحد الأيام تلقيت اتصالاً من أحدى الشركات التي تعمل في مجال الاتصالات، حيث أجريت معهم الاختبار واجتزته بتوفيق الله. حددوا موعد يوم الخميس لكي أوقع العقد معهم بخصوص دورة، ذهبت يوم الخميس للمقر ذكرت لهم أنني نجحت بالاختبار وتلقيت اتصالاً لأوقع العقد مباشر وأبدأ الدورة. سألوني عن اسمي ورقم بطاقة الأحوال، ذكرت الاسم والرقم، فجأة انصدمت بقولهم أنهم لم يتصلوا. ذكرت لهم رقم المتصل وتفاجأت بقولهم أنه ليس رقمهم. اتصلت على نفس الرقم كان مقفل طوال اليوم وفي اليوم الثاني اتصلت عليه رد باسم الشركة مما يثبت لي انه موظف لديهم.. سألته (من انت؟) قال أنا تبع شركة........... للاتصالات.. شرحت له ما حصل بخصوص الوظيفة قال (سوف اتابع الموضوع واتصل بك)، وبقيت أتصل عليه كل يوم يقول (لم يحدث شيء) والى الآن لا جديد.. ولا يقتصر الأمر مع بدر على شركة الاتصالات فهناك تجربة اخرى مع شركة أخرى في مجال البريد يحكيها قائلا: "داومت لمدة 7أيام من الساعة 8إلى 3العصر وكنت ملتزماً جدا بالوقت وفي نهاية الدوام بعد سبعة أيام طلبوا مني عدم المجيء إلا بعد تلقي مكالمة منهم.. منذ سنة تقريباً إلى اليوم لم أتلق أي اتصال رغم اني احتاج للوظيفة.. والسبب كما علمت ان المدير احضر شخص آخر مكاني (الواسطة كانت أقوى مني). يقول بدر عن نفسه وعن ظروفه: "أود الاعتماد على نفسي مادياً ولا أحب الاتكال على احد وأنا أحتاج الوظيفة كثيراً لأن والدتي مريضة (بمرض السرطان) والوالد أيضا يعاني من (مرض القلب) وأنا أكبر إخوتي. أحتاج إلى أن أساعد الوالد في المصروف وأقدم لهم ولو شيئاً بسيطاً مما يساعد على راحتهم ولكي أحس أنني أساهم في تحمل المسؤولية. ويقول: كثيرا من الأحيان يصادف وقت موعد إجراء المقابلة مع مواعيد الوالدة في المستشفى فأضطر إلى أن أقل الوالدة إلى المستشفى قبل إجراء المقابلة واذهب لإجراء مقابلتي ثم أعود للمستشفى ولولا حاجتي للوظيفة لما تركتها في المستشفى، ومع ذلك تشترط الشركة على دفع مبلغ 10آلاف ريال في حال استقلت قبل مدة سنة من التوظيف.. ولكن أليس بديهياً أنني في حال حصلت على وظيفة أفضل ماديا من وظيفتي الحالية ان اسعى اليها لأنني أساهم في المصروف ودائما ابحث عن الأفضل والأنسب لهم وما يستوفي حاجات ومسئوليات حياتي؟ مهندس مع وقف التنفيذ ومن جدة نرصد مع أبي محمد معاناته ورحلته للبحث عن وظيفة، وهو خريج كلية الهندسة جامعة الملك عبدالعزيز قسم الهندسة الميكانيكية واجتاز الكثير من الدورات التدريبية متزوج منذ عامين وعنده طفل وحيد عمره 4أشهر يقول: "تقدمت لأكثر من 25شركة عن طريق مناولة الملف يدا بيد وأكثر من 80شركة عن طريق الايميل ومواقع الانترنت والى الآن لم يصلني اتصال من اي منها مع الأسف سوى شركة واحدة وذهبت للمقابلة لكنهم لم يقبلوا توظيفي دون اي مبرر رغم وجود وظيفة شاغرة لديهم ولقد لاحظت أن جميع موظفي الشركة من جنسيات اجنبية.ويضيف ابو محمد: لقد واجهت مصاعب كثيرة في تأمين السكن ومتطلبات الحياة لزوجتي وطفلي، وعندها قررت الذهاب الى ديوان الخدمة المدنية بجدة بتاريخ 2008/7/5ليفاجأوني بأن الهندسة الميكانيكية غير مطلوبة عندهم مع العلم بأن موقعهم يشير الى أن تقديم الوظائف الهندسية مستمر طوال العام ! رؤية شاب ومن الجوف وبشكل عام يحاول الشاب غصاب علي الحاصل على دبلوم ادارة من كلية التقنية ان يحدد مشاكل الباحثين عن عمل من الشباب وظروف بيئة العمل التي تواجههم باعتبارها مشكلته ومشكلة كل شاب في مثل ظروفه يقول غصاب: "مشاكل الباحثين عن الوظيفة كثيرة قد يطول ذكرها ولكن نلقي الضوء على بعض المشاكل الأساسية التي تواجة الباحث عن الوظيفة من ضمنها والمتعلقة بالشباب نفسة ضعف مؤهله العلمي او ان يكون تخصصه الذي اختاره غير مطلوب في سوق العمل، او ربما لم تتح له الفرصة لاكمال تعليمه، ولاننسى الواسطة التي تعتبر من المعوقات الرئيسية امام الشباب لان فيها هضماً لحقوق الآخرين ممن هم جديرون بشغل الوظائف التي تقدموا لها، فالواسطة ظلم واستهترار بحقوق الآخرين... ومن المشاكل التي تواجة الشاب الباحث عن الوظيفة قصور الجهات المسؤولة عن التوظيف من ضمنها وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل والقطاع الخاص، هذه الجهات التي أرى من وجهة نظري انها مقصرة لماذا لاتتحد مع بعضها وتسهم في ايجاد فرص وظيفية مناسبة تناسب مؤهلاتهم وقدراتهم العملية لماذا لاتقام دورات تدريبية يتم من خلالها تدريب الباحثين عن الوظائف وتاهيلهم التأهيل الجيد حتى يصبحو قادرين على تحمل مسؤوليات الوظيفة وتكون هذه البرامج مدعومة من القطاعين الحكومي والخاص؟ يجب على رجال الأعمال دعم الشباب الباحثين عن الوظيفة ورفع اجورهم الوظيفية لماذا يقولون دائما الشاب السعودي لايريد العمل؟ كيف نطلب منهم العمل والإنتاج وفي المقابل رواتب قليلة لاتكفى احتاجاتهم خاصة مع موجة الغلاء التي اجتاحت العالم، بالإضافة الى قلة الإجازات في القطاع الخاص اضاف الى ذلك زيادة ساعات العمل بدون زيادة في الأجر والتأخير في تسليم رواتب الموظفين والسبب في ذلك غياب الجهات الرقابية التي تحفظ حقوق المواطن؟ أين هي من هذه التجاوزات؟ اضف الى ذلك الفصل التعسفي من الوظيفة بدون سابق انذار كل ذلك ساهم في بعد الشباب عن العمل في القطاع الخاص. ان الشباب الباحث عن الوظائف يريدون الدعم المعنوي والمادي ويريدون من يقف معهم ويشد من ازرهم.. ويختتم غصاب تحليله ورؤيته قائلا: "من خلال دعمنا للشباب وتوظيفهم سنقضي باذن الله على السلوكيات المنحرفة الناتجة عن الفراغ والاحتياج المادي ونسهم في بناء شباب صالحين يسهمون في بناء المجتمع ودفع عجلة تقدمه للامام.