أ. ف. ب: يروي الالماني محمد هيربرت هوبوم الذي اعتنق الاسلام في 1939حين كان عمره 13عاما، كيف اضطر الى الصلاة واقفا والصوم خلال رمضان "بالنية" (نظريا) عندما كان على متن سفينة حربية يمنع الصوم فيها خلال العهد النازي. وكان هيربرت في طفولته يحلم بالسفر الى كافة انحاء الارض غير ان السلطات النازية كانت تجعل السفر امرا صعبا. ولم يبق امامه لتحقيق حلمه الا الكتب وروايات المغامرات وتلك الخاصة بالثقافات البعيدة التي طبعت غرفته في لوبيك (شمال المانيا) بعبق "بلدان اجنبية غريبة". وقال متذكرا وهو يجلس في صالون بيته في ضواحي بون "كان ما يجذبني اكثر هو العالم العربي". ورغم تقدمه في السن فانه يؤدي فريضة الصيام وهو يقول انه يريد "ان يعرف شعور الجوع حتى يشعر بالرأفة على الفقراء". بيد ان هيربرت الصحافي السابق والدبلوماسي والمسؤول عن المؤسسات الاسلامية والذي كرس حياته للتقارب بين المانيا والاسلام، ليس متشددا في دينه ويؤكد انه في حال شعر بالاعياء فانه لن يتردد في التوقف عن الصيام. ولد هيربرت في 1926في اسرة بروتستانتية ويقول انه كانت لديه منذ ان كان يافعا "شكوك" وتساءل "لماذا خلق الله كائنا غير قادر على الخلاص بنفسه من ذنوبه ويحتاج الى مخلص؟". وبدأ الاتصال بالمساجد حيث التقى شباناً ألماناً مسلمين. ويقول "لقد اعجبت كثيرا بالعلاقة المباشرة بين الله والانسان في الاسلام وبكون النبي محمد بشر وبالأُخُوة التي تسود العالم الاسلامي"، على حد تعبيره. وكان الفتى منذ سن العاشرة كارها لافكار الحزب النازي المتطرف الحاكم في المانيا منذ 1933وأوضح "في عالمي كان يسود الانفتاح ولا مكان للقوانين العنصرية". لكن في اعماقه فان اعتناق الاسلام "ليس له تفسير" وهو يكتفي بترديد "ان الله يهدي من يشاء"، كما جاء في القرآن الكريم. وهو يحتفظ بأول نسخة من القرآن حصل عليها بين تذكاراته عن حياة امضاها بين باكستان واندونيسيا وسريلانكا وسنغافورة والاردن ومصر والسعودية. وفي 1943دخل الى سلاح البحرية الالماني. وهو يقول "كان الصيام مستحيلا وكان يعتبر (مناهضا لقيم الدفاع عن الوطن)" ولذلك فقد كان يقوم باداء الصيام "بالنية". كما كان يؤدي الصلوات الخمس واقفاً. وقال "لم أُخف ابداً ايماني" وكانت ألمانيا في ذلك التاريخ تعد عشرة آلاف مسلم بينهم من كان متحمساً للنازية معتبراً ان نظام هتلر كان يدعم العرب ضد اليهود في فلسطين واستقبلت المانيا مفتي القدس الحاج امين الحسيني. وفي احد الايام تمت دعوة هيربرت الذي اصبح يسمي نفسه محمدا، من قبل القيادة التي واجهته برسائله "المكتوبة بالالمانية باستخدام ابجدية عربية"، الى مسلمين ألماناً آخرين. وروى ان "الامر كان محل شبهة كبيرة لان هذه الرسائل اعتبرت برقيات مشفرة وكنت معرضا للاحالة على محمكة عسكرية" غير ان القيادة عفت عنه. واثر الحرب العالمية الثانية اصبح محمد امام مسجد في برلين ثم سافر في 1956الى باكستان حيث كان يكتب في مجلة "فويس اوف اسلام" (صوت الاسلام). وهناك التقى زوجته الاولى ورزق بطفلين. وهو يتجول منذ اكثر من ثلاثة عقود في العالم الاسلامي بصفة ملحقاً اقتصادياً او ثقافياً وهو يكتب بحوثاً ومقالات وينخرط بقوة في مختلف المنظمات الاسلامية الدولية والالمانية. وهو حاصل على العديد من الميداليات والاوسمة. وهو يؤكد اليوم "لم اندم ابدا على اعتناقي الاسلام لكني اشعر بخيبة امل اذ ان عدم التسامح لا يزال مهيمناً سواء على الجانب الالماني او الجانب الاسلامي".