في مقال سابق أكدت على أهمية ادراك المسؤولية الاجتماعية والوطنية، بل والإنسانية من قبل المثقف العربي حين تطرقت لظاهرة ايقاف المسلسلات العربية لأسباب وأخرى.. اليوم اتساءل مع الكثير من الأهالي والآباء والأمهات.. هل الاخوة والاخوات في الدراما السعودية على وجه الخصوص لا يدركون واجبهم الاجتماعي والأخلاقي والوطني حين يعدون أعمالهم الدرامية..؟ ألفاظ بذيئة لا يقبل اي واحد منا أن يسمعها من طفله.. ألفاظ ايحائية تخدش الحياء خاصة وان الدراما السعودية تشاهدها الأسرة مجتمعة صغارا وكبارا.. والإشكال أن الأمر تطور ليصل لثقافة تصنيع الخمور.. الأكيد أن تلك الاشكالية لم تصب الكل ولكنها للأسف أصابت بتلوثها الأشهر والأكثر مشاهدة.. نستكثر على إدارة محطة مهمة مثل ام بي سي.. أن تقع في ذلك الفخ وأن تسمح بعرض تلك المشاهد والألفاظ.. اذ كان الأجدر بالجميع الحرص على ذائقة المشاهد وقيمه التي ترفض تلك المشاهد.. ولعل مشهد الانبساط والسعادة لمتعاطي المشروب يكشف عن سوء تقدير القائمين على مسلسل عيال قرية لأهمية الدراما في توجيه وتعزيز التأثير الاجتماعي لعملهم خصوصا وللتلفاز عموما حيث يعتبره العلماء الأب الثالث للطفل.. أعتقد ان الدعم الذي تجده الدراما السعودية والصرف الكبير عليها يجعلنا نتوقع منها بل ونطالبها أن ترتقي لمستوى المشهد الثقافي السعودي الذي لم يمارس الابتذال في يوم من الأيام.. لا أريد ان أزعم ان إشكالية الوعي بالحرية هي سبب تلك الأخطاء لأن القائمين على تلك الأعمال ممن يملكون نضجا عمليا وفكريا يجعلهم يدركون اهمية احترام الحرية للارتقاء بالعمل وتعميقه وليس العكس.. لن أقيّم الأعمال السعودية خاصة التي عرضت عبر محطة ام بي سي من الناحية الفنية.. لانني أؤمن بالتخصص ولكن من الناحية الاجتماعية ومرتكزها القيمي اعتقد انها تحتاج لاعادة نظر حيث ضرورة الاهتمام بالمنظور الاجتماعي والذوقي والأخلاقي لأن المشاهد ليس كبيرا دائما وليس واعيا دائما والخطورة أن تبث محطة ناجحة تلك الثقافة في وقت الذروة. أعلم أن الجرأة مطلوبة وأعلم أن الايحاء لا يجدي دائما في العمل الدرامي ولكنه احيانا يرتقي به إن استُخدم بمهارة.. السؤال هل مشهد صناعة الخمر كان ضروريا ألم يكن يمكن الاستغناء عنه للوصول للهدف..؟ نقد تلك الأعمال لا يعني فشلها المطلق ولكن يؤكد قناعتنا بضرورة الارتقاء بها لتكون احدى دعائم التغير الاجتماعي الإيجابي لأننا كمجتمع نمر بمتغيرات لابد ان يستوعبها الجميع خاصة القائمين على المشهد الثقافي والإعلامي..