تكتظ الأسواق هذه الأيام بالمتسوقين، والمتسوقات، من أجل العيد، والتحضير له. وكأن الاستعداد لملامسة العيد، لا يتأتى إلا من خلال جولات التسوق اليومية والمتكررة. والمجهدة إن جاز التعبير. بعض النساء يرين أن المرأة لا تكتمل أنوثتها إلا من خلال التسوق المتكرر، والمبالغ فيه، والذي من خلاله، تمحص، وتفتش عما تريد عدة مرات، وفي أماكن ومحلات متعددة حتى تصل إليه، وأحياناً قد لا تصل، المهم أنها تكون قد اشبعت غريزة هوس التسوق، والتي لا علاقة لها في الغالب بالاحتياج الفعلي للسلعة، أو عدم الحاجة لها. أعرف صديقة تشعر بالراحة والهدوء عندما تمارس التسوق وهي في قمة انفعالها، بمعنى أن أي لحظات اكتئابية تمر بها، أو ضيق، أو انغلاق نفسي، تسارع إلى السوق للف ومعاينة الأشياء والشراء بهوس لأشياء في الغالب يكون لديها منها، أو أنها لا تحتاجها على الإطلاق، تقول بعد أن اشتري أشعر بالارتياح، وأعاود التنفس بهدوء وعمق واسترخاء. وهوس الشراء يرتبط كما يقول الدكتور عبدالحميد الحبيب الاستشاري النفسي بحالات الاكتئاب، وهو حالة نفسية له مسببات نفسية ولكنه ليس مرضاً إلا إذا سبب ضرراً أو قاد لمشاكل أخرى. الدكتور رجب عبدالرحيم استشاري الطب النفسي يعتبر أن هوس الشراء من الاضطرابات النفسية التي تحتاج إلى علاج سلوكي ومعرفي، بالإضافة إلى استخدام العقاقير الدوائية التي لا تعرض الشخص المصاب بداء التسوق إلى خسائر مادية كبيرة، هذا الاضطراب يرتبط بالرغبة الملحة في الشراء، بحاجة وبدون حاجة نتيجة استجابة لأفكار ملحة ومتكررة بحيث لا يملك المصاب سوى الرضوخ لا إرادياً ويصيب هذا الاضطراب النساء أكثر من الرجال ويؤدي في الغالب إلى الاكتئاب. ولعلاج ذلك هناك بعض الأدوية التي تكافح هوس الشراء وتعطي نتائج متفاوتة ولكن أفضلها يحدث إذا دخلت مع هذه الأدوية برامج العلاج السلوكي، وبدونها توجد فاعلية ولكنها غير مكتملة. هذه التفسيرات لهوس التسوق جاءت في تقرير الزميلين نايف الحارثي ومحمد الحيدر في جريدة "الرياض". وبعيداً عن حالات الهوس التسوقي التي يمارسها البعض، نجد هذه الأيام تزاحماً في الأسواق بطريقة تخيف الشخص الذي لم يعتد على الازدحام، واعتاد على التسوق في الأيام الميتة للسوق، أو التي لا يمارس فيها المتسوقون هواياتهم،ولمن يريد أن يحلل هذه الظاهرة بعيداً عن كون الموسم بحاجة إلى التسوق على اعتبار أنه العيد يحل كل عام والأسر بجميع أفرادها بحاجة إلى ملابس جديدة واحتياجات جديدة. كثير من الأسر تمارس الشراء طوال العام ومن المؤكد أن لديها الجديد ولوكانت قطعة أو قطعتين، لم يعد الأطفال بالتحديد أسرى ملابس العيد فقط، بل أصبح الشراء لهم حتى على مستوى الأسر البسيطة مرتبطاً بالعام كله حسب قدرة كل أسرة المادية وإمكاناتها في تحديد السعر. طوال العام تشتري الأمهات والنساء الملابس، وتحضر عروض التخفيضات، وتشتري عدة قطع، ومع ذلك أصبحت عادة وضرورة لديهن في الشراء قبل العيد، رعم أن المعروض قد لا يكون جيداً، وتسعى المحلات للتخلص منه وهي تدرك أن هناك من يشتري أي شيء وبأي ثمن. إنه الاعتياد لممارسة ما يفترض أننا لا نمارسه، أضف إلى ذلك الضغط الفعلي على البسطاء ومن يحتاجون للتسوق فعلياً، ولا يذهبون إلى الأسواق إلا في المناسبات والأعياد، لكن يسد منافذهم هؤلاء ممن اعتادوا التسوق طوال العام والشراء بحاجة وبدون حاجة.