كم تمنيتُ أن أعيش رمضان في الدول والأرياف حول العالم.. أشارك الصائمين مشاعرهم وفرحتهم وتفاصيل حياتهم مهما تعددت لغاتهم وهوياتهم وشعوبهم وتنوعت طبقاتهم، أمني نفسي بعيش روحانية رمضان في شرق الأرض وغربها؛ وطقوس الناس فيه. ظلّ حلم التجوال أمنية غير قابلة للتحقيق بالتوسع الذي كنت أتمناه، فليست كل المدن "الحلم" متاحة للسياحة بشكل آمن، ولا الدول والبلدان قريبة وياسرة، هذا العام تحققت أمنيتي بشكل جزئي مع برنامج "رمضان في مدينة" الذي تبثه قناة الجزيرة الوثائقية، فلنا في كل يوم مدينة من مدن العالم ورحلة سياحية تنقلك إلى تراث المدينة وثقافتها الخاصة؛ ففي اللحظة التي نصوم فيها ونفطر يشاركنا ملايين من المسلمين هذه اللحظات فكيف يعيشونها؟. (ألم تخطر هذه الفكرة في بالكم يوماً؟) ألا تستحق هذه الأجواء الرمضانية العظيمة والرقيقة من المنتجين تصويب كاميراتهم والتجول فيها عبر العالم؟. وإنتاج هذا (الواقع المعاش) بطرق أكثر غنى وتنوعاً من الأفلام الوثائقية التي قد تبدو روتينية ورتيبة بعض الشيء. رمضان.. مادة متسعة وعميقة للإنتاج الفني والسينمائي المنافس، إذ يندر أن تجد حدثاً واحداً يشترك فيه البشر بتنوعهم واختلافهم الشاسع في عيشه مثل رمضان . مشاعر الصائمين وثقافة المسلمين المتنوعة حسب الأعراق والقوميات وتراث الشعوب وأساطيرهم تجعل من المبدع والمتاح جداً أن يبادر رواّد الفن هذا التراث الجميل في صناعة دراما متميزة تستغل الواقع الغني بالأحداث والتنوع الرائع لنحقق مفهوم الشراكة الروحانية الذي هو جزء كبير من معنى الصيام الحقيقي. أليس غريباً انشغالنا في رمضان بمسلسلات التهريج والمشاكل والعنف وتجاهلنا لمسلسلات واقعية (جميلة) تحدث يومياً في أنحاء الأرض تنقل فرحة الفطر والصوم ومشاعر "الإنسان" لشقيقه الإنسان في أقصى الأرض البعيدة؟.