؟ نكمل.... فعالم البحث متشعب و متفرع وحكاياته كثيرة! لا بد أن تسأل هذا السؤال، جزء من المسؤولية العلمية هو مناقشة الأبحاث و تفكيكها بطريقة علمية. "القراءة النقدية والتفكير النقدي" مهارات يتعلمها الباحث في بدايته، حين يتعلم أن يسأل ويتساءل ولا يأخذ كل المعلومات العلمية على أنها حقائق مسلّمة، بل ينظر للدليل الذي دعم النظرية والنتائج التي أكدت أو نفت الفرضية. و هذا لا يعني أنه ينظر لكل إنتاج علمي نظرة ريبة مشككة، لكنه يحتاج إلى أن يُعمل المنطق ويفكر فيما يراه ويقرأه قبل أن يتقبله أو يبني عليه دراسة مستقبلية قد تنتهي للاشيء فيما لو أخطأ في قراءة تجارب وأبحاث من سبقوه. وإذا كانت هذه المهارات مطلوبة في الباحث المبتدئ فما بالكم حين نتحدث عن الباحثين المتمرسين الذين يتوقع منهم دقة وقدرة على تمييز البحث الجيد من غيره. حين أرفق أحد الباحثين سيرته الذاتية في سباق وظيفي للعمل في مجموعة علمية معروفة، أخذ رئيس المجموعة يطالع جميع أبحاث صاحبنا المنشورة، وأحضرها كلها كي يقرأها، وتفاجأ من حوله بأنه اختار شخصاً آخر للوظيفة رغم أن إنتاج هذا الشخص العلمي والبحثي المنشور لا يتجاوز رُبع إنتاج الشخص الآخر. حجة رئيس المجموعة هي أن النوعية وليست الكمية هي الأهم. و الاختيار بين الكم والجودة اختيار صعب جدا. لذلك تجد أن قوانين الترقية في بعض المؤسسات العلمية تشمل تصنيف المجلة التي نشر فيها البحث العلمي، وموقع اسم الباحث بين سلسلة الأسماء المشاركة في الدراسة، وتضع حدا أدنى للتصنيف العلمي لهذه الدوريات العلمية، ولا تكتفي بعدد الأبحاث المنشورة، بل بمضمون البحث، وصداه العلمي. ولذلك تجد أن تصنيف المجلات العلمية مهم جدا وكلما ارتفع ترتيب المجلة في قائمة الدوريات العلمية صعب الحصول على فرصة للنشر فيها خاصة وأن المنافسة العلمية قوية والسباق بين المجموعات البحثية متواصل بلا خط نهاية. لذلك لا يمكن أن يختلف اثنان في نوعية الأبحاث الجيدة ومستواها المتميز. وفي النهاية أنت تختار: أن تنشغل بالكم، أو أن تحرص على تقديم نوعية مميزة، والمحظوظ هو من يجمع بين غزارة الإنتاج العلمي وجودته، والمحظوظون قلة.