وقالت (الفاغية) لفلاّح الحقل: - تأخرت في المجيء إليّ يا فلاح.. وكان من عادتك أن تستقبل الصباح ب(فوحي) و(بوحي).. - سامحيني يا (فاغية).. أنت تعرفين معاناتي في هذا الحقل.! - أنا - أيضاً - أعاني يا فلاح.. - إنما أعاني أنا من الكدِّ والجهد.. فمم تعانين أنت؟! - أعاني في غيابك من هذا الأصفر (دوار الشمس).! - لكن، هذا لونه يا فاغية.. - أنت تعرف أنني لا أُحب هذا اللون.. وأنا أتحمّله من أجلك.. لكنه يتطاول عليّ.. حتى إذا ما حرَّك النسيم أعطافي، اقتحمتني عيونه.. وإنَّ عيونه لكبيرة يا فلاح الحقل.. - فما الذي يمكن أن أفعله لعيونه يا فاغية؟! إنّ لدوار النهار عيوناً.. ولليل عيوناً.. لا تكاد تغمض هذه إلا وتُفتح تلك..! - بالله عليك، أين هذه من تلك؟! إن عيون الدوار (جاحظة) تبحلق بلا جفون.. ولليل عيون تحجب الأسرار.. وجفون تبعث السكون.. حتى إنني لا أمل النظر إليها، والتحديق فيها، فتمضي بي إلى عالم الأحلام.. صحيح أنها أحلام غير قابلة للتحقيق لكنها تسعدني.. فكيف تُشبِّه (عيون الليل) بعيون دوار الشمس يا فلاح؟! - يا لهذا (الدوّار).. إنه يذهب ببعض لونك.. فلا تلتفتي إليه.. حتى لا يستدرجك إلى (الصفرة).. - من دون كل نبات الحقل يعاندني.. فهل يمكن أن تنقله إلى حقل آخر؟! - لو فعلت لوشى بي إلى هذا النهر الذي يملأ آذان الوديان..! - فخذني أنا إذن بعيداً عنه - ستجدينه في كل ناحية من الحقل.. إنه ينبت ويهيج ويصفر.! - فهل لديك (مزهرية) يا فلاح.. - لديّ (مزهرية) من خزف.. - اغرسءني فيها.. ابعدني عنه، وأدنيني منك.. - فكيف تعيشين بلا شمس؟! - (أفتح النوافذ للشمس) يا فلاح الحقل.!