كنتُ في الصيف ولما يقرب من الشهرين في أمريكا وبالذات في جنوب ولاية كاليفورنيا وكنت أقود سيارة استأجرتها، ولقد قطعت مسافات طويلة بين شمال وجنوب الولاية بل حتى لولايات أخرى وكل من عاش او زار جنوب كاليفورنيا يعرف مدى شبكة الطرق هناك أو ما يعرف بالطريق السريع (Free ways) والتي يحمل كل منها رقما خاصا بها مع اسم المدينة التي تنتهي اليها وكلما قمت بالقيادة هناك رأيت فيها إنجازاً لعقلية ذكية وتخطيط هندسي فريد من نوعه هو قمة في الإبداع والتنظيم فهناك عشرات الطرق السريعة تجتمع كلها ثم تنفصل عن بعضها البعض وفي انفصالها هذا قد تنضم بالتالي لطرق سريعة أخرى، المهم ان هذه الشبكة من المواصلات تحتاج الى مهارة ودقة في القيادة وكأنك تشعر وأنت تقود فيها انه لا مجال للخطأ هنا وعلى كل سائق معرفة أين يريد أن يتوجه مسبقا .. القيادة هناك ليست سهلة خاصة اذا ما عرفنا ان عدد سكان جنوب كاليفورنيا قد يصل إلى 30مليون نسمة، ولكن رغم ذلك لم أر سوى عدد بسيط جدا من الحوادث، فرغم صعوبة القيادة الا ان التزام السائقين بالأنظمة والحس الإنساني لديهم قللا من نسبتها حيث يشعر الجميع بمسؤولية قيادة المركبة وأنها وسيلة للنقل قد تتحول في كثير من الأحيان إلى وسيلة للقتل، المهم عدت للرياض وصدقوني فقط في طريقي من المطار الى بيتي شعرت وكأنني غريب في المدينة أنظر حولي بعجب ودهشة لطريقة القيادة لدينا والغريب كأني نسيت كيف نتعامل مع السيارة، ففي مرات كثيرة أكاد أصرخ من الخوف بل إنني قررت ملازمة البيت وعدم الخروج الا للضرورة. ولا أعلم إلى متى وشوارعنا موضع لعبث العابثين والمستهترين بأرواحهم وأرواح الآخرين. المهم قد لا تصدقوا ان عدد ضحايا حوادث المرور من الوفيات في الولاياتالمتحدةالامريكية يبلغ 117حالة فقط على المستوى اليومي في دولة يصل عدد سكانها الى ما يقارب ال 300مليون نسمة ولكم أن تعرفوا الفرق بيننا وبينهم ولقد قرأت في مجلة (Readers Digest) الشهيرة بأن معظم هذه الحوادث سببها المهاجرون غير الشرعيون المتواجدون في البلاد لأنهم لا يملكون رخص قيادة وذلك لخوفهم بأن يقبض عليهم ويرحّلوا الى بلادهم في حالة ذهابهم لقسم المرور وأنه في ولاية كاليفورنيا فقط أعطيت 132.000مخالفة العام الماضي فقط للمهاجرين غير الشرعيين .. المهم أنني ما زلت أتعجب من طريقة القيادة عندنا وما زلت اتساءل لماذا؟ وإلى متى والحوادث تحصد أرواح شبابنا بالذات وتعيق الكثير منهم؟ والأهم إلى متى نقف موقف المتفرج؟ وفي النهاية الحمد لله أن تلك الشبكة للطرق السريعة عندهم وليست عندنا وإلا رأينا العجب.