الرجم.. عبارة عن مجموعة من الصخور المبنية بعضها فوق بعض، وهو من الأماكن العالية جداً في الجبال الشاهقة التي تشرف على الأرض المنبسطة والسهول والوديان القريبة منه، وكثيراً ما يرد ذكره في قصائد الشعراء لكونه مصدر إلهامهم والأنسب والمحبب لهم.. والرجم يعد ملجأ حقيقياً وملاذاً محبباً بالنسبة للشعراء الذين يحلو لهم نظم القصيد وبدع الطواريق وجر المواويل في هذا المكان الشاعري الهادئ.. فهذا المكان العالي لا يستطيع في الغالب الوصول إليه إلا الصقور النادرة التي تعشقه لأريحيته وبعده عن الناس وطمأنينته وصفائه، لذلك يحاول الشاعر أن يعالج مشاكله ويخفف عما أصابه من هواجيس وهموم بالأشعار المناسبة كما يقول الشاعر محمد بن أحمد السديري: يقول من عدّا على راس عالي رجمٍ طويلٍ يدهله كل قرناس في راس مرجومٍ عسير المنالي تلعب به الارياح مع كل نسناس في مهمهاً قفراً من الناس خالي يشتاق له من حس بالقلب هوجاس قعدت في راسه وحيدٍ لحالي براس الطويل ملابقه تقل حراس والشعراء بطبيعة الحال دائماً يفضلون الأماكن الهادئة التي يصفى فيها الفكر ويحلو الجلوس بها فالرجم يتميز بعلوه الرفيع ومكانه البهي الذي يجعل من يجلس فيه يستطيع أن يمد نظره ويشاهد ما حوله من جمال الطبيعة خاصة في الصباح الباكر أو قبل وقت غروب الشمس، وكذلك يعبر الشاعر عما أصابه من أحداث وضيقة بال وشقاء الحياة وشدّات الزمان وفي ذلك يقول عبدالهادي بن عبدالله بن راجس: عديت مرقابٍ طويلٍ وعملاق رجمٍ طويلٍ يبرح الخد شاهوق رجمٍ يوسع خاطري كل ما ضاق من عقب مشرافي بسميه مرزوق عساه نوّه يزعج السيل دفّاق ماهوب من عجل المعاصير مرفوق نون ثقيل راسي له تفهاق سيله على روس الغراميل مدفوق يسوقه الغربي ولاهوب ينساق ويرده الشرقي ولو كان مسياق والشاعرات أكثر الناس الذين يفضلون هذا المكان الشاعري الذي يحلو فيه ترديد الغناء ونظم القصائد وبدع الموالات والطواريق لذلك عندما يجدن أنفسهن مصابات بالهموم او الأحزان يعتلين مكان المشراف ويعبرن عما يختلج في نفوسهن من مشاعر جياشة وحساسة كما تقول الشاعرة جزعا الشمرية: ليتني ما اشرفت في مرقب وقت العصر ذكر المشراف قلب المشقى من عناه دمع عيني فوق خدي كما وبل المطر مثل سيل الصيف لاجا حقوقه من سماه فاح قلبي فوح بنٍ على جمر السمر زاد فوحه وانتثر يوم سج اللي ركاه والله اني من حبيبي على روحي خطر والخطر بالروح من له صديق ما رضاه ليلة عندي تجي ليلة الغدرا قمر وان نحابه نية عزتي له عزتاه ليتني غالوقة الثوب وازرار النحر ما افترق وياه ما دام قرطوع الحياه والرجم يفضله الشعراء كأي مكان جميل في هذا الكون وجعلوا منه مكاناً محبباً لشعرهم وحزنهم ومعاناتهم في الحياة كقول الشاعر فراج بن سعد السبيعي: وقت المسا عديت أنا راس مرقاب ما ودي أرقا مير قلبي رقابي حولت دمعي فوق الأوجان صباب متزايد قلب العنا بالعذابي القلب الاقشر كل ما قلت له تاب يزود حره بالضمير التهابي