تعد كوريا احد البلدان التي كانت في أدنى قائمة الدول النامية قبل اقل من ثلاثين سنة وتحتل الآن المرتبة الحادية عشرة بين الدول الصناعية . واعتقد ان كوريا حققت معجزة اقتصادية يصعب تكرارها خاصة في ظل عدم وجود موارد طبيعية في بلد مثل كوريا عدا القوة البشرية المدربة والجادة . لقد عاشت كوريا لأجيال وحقب وقرون بين قوى عظمى مثل اليابان والصين وليست ببعيدة عن الاتحاد السوفيتي سابقا، ورغم ذلك استطاعت الاحتفاظ بهويتها المتميزة، وتاريخها العريق، وأوجدت لها مكانا مرموقا في العالم . وقد بدأت العلاقة العربية بكوريا منذ ما يقارب الالف عام، حيث أنها في مرمى من طريق الحرير الذي كان يرتاده المسلمون العرب لقرون . وفي الوقت الحالي هناك جالية إسلامية كورية تمارس شعائرها بحرية وأريحية لم يتخل عنها الشعب الكوري تجاه الديانات والثقافات والحضارات الأخرى في أحلك الأيام . ولقد قطعت العلاقات الاقتصادية الكورية شوطا بعيدا حيث تتمتع السلع الكورية بالجودة النوعية، والتميز مما جعل كلا الشعبين الكوري والعربي يلتفت إلى مصدر هذا الانجذاب والتعامل خاصة أن الشعبين العريقين لم يكن بينهما عداء بسبب التراث العريق مما جعل الحكومة الكورية ممثلة برئيس الجمهورية الإعلان قبل عام في مجلس الشورى السعودي اثناء زيارته للمملكة عن توجه كوريا إلى إنشاء مجلس كوري عربي ثقافي . وكالعادة اتبع الكوريون أقوالهم بالأفعال، فأعلن عن ولادة هذا المجلس في سيؤل عاصمة كوريا، ودعي الى هذه المناسبة وفود عربية تقاطرت على أعلى المستويات، تتراوح بين رؤساء جمهوريات، ووزراء، واعضاء من بعض الأسر المالكة العربية، وشاركت المملكة بوفد رفيع المستوى برئاسة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى كوريا الأستاذ عبدالعزيز العيفان، وكان لي شرف المشاركة مدعوا من قبل الحكومة الكورية، حيث استمتعت كما استمتع الجميع بالضيافة الأصيلة ونبل التعامل والخلق الرفيع، وسعة الافق والتعامل النبيل مع الاخر . وكانت فرصة للتعرف على مصادر تاريخ هذا الشعب العريق الذي سطر في أقل من ثلاثة عقود معجزة اقتصادية حيث ارتفع متوسط دخل الفرد الكوري من اقل من مائة دولار إلى ما يقرب من سبعة عشر الف دولار في العام، وهي أرقام غير مسبوقة في كل الأعراف . ولاغرو فالشعب الكوري نسيج متجانس حافظ على هويته ووحدته لأكثر من ثلاثة آلاف عام، تعاقبت عليه الأسر الحاكمة حتى القرن العشرين، عندما تعرض كغيره من الشعوب لاثار الحرب العالمية الثانية . ولايفوتني ان اشيد بالدور الرائد لسفارة كوريا في المملكة على جميع المستويات، فسعادة السفير والقنصل لايفتآن في طرق جميع الابواب والنوافذ للترويج الاقتصادي والثقافي لبلدهم . وأتطلع كما يتطلع الجميع الى تفعيل دور هذا المجلس وسنعمل في غرفة الرياض على إعداد خطة عمل مشتركة لاستقطاب زوار من المثقفين الكوريين وتشكيل وفود عربية اقتصادية وثقافية لزيارة كوريا للتعرف عن كثب على مقدرات وتراث الشعبين العظيمين اللذين قوامهما الأصالة والأسرة والنسيج الاجتماعي الموحد . @ أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بالرياض