يعتبر تشارلز بابيج (Charles Babbage) مطلق الشرارة الأولى لاختراع الحاسب الآلي، فالفضل يعود إليه في تأسيس هذه الفكرة . ولد بابيج الفيلسوف والرياضي والمهندس الميكانيكي في لندن سنة 1791م . في صغره لم تكن حالته الصحية جيدة بما فيه الكفاية لذلك اضطر والداه لإبعاده عن المدرسة وجلب مدرسين خصوصيين له في المنزل . بعد ذلك انضم إلى أكاديمية هولمود التي ضمت 30طالباً فقط وكانت لدى هذه الأكاديمية مكتبة مجهزة بشكل جيد ففجرت في بابيج حب الرياضيات، بعد ذلك التحق بابيج بكلية الثالوث بكامبردج سنة 1810م، وأصيب بخيبة أمل بسبب ضعف التعليم الرياضي الموجود في الكلية . لذلك قرر هو ومجموعة من أصدقائه إنشاء مجتمع تحليلي سنة 1812م . كان بابيج شاباً طموحاً لذلك أحب أن يغير الأشياء من حوله، أراد أن يبتكر طريقة تمكنه من حساب الجداول الرياضية بطريقة ميكانيكية لتلافي النسبة العالية للخطأ البشري . وفي الواقع كانت هناك ثلاثة عوامل دفعته لإحداث هذا التغيير، أولا : كراهيته لعدم الترتيب، ثانياً تجربته في الجداول اللوغاريتمية وثالثها عمله على آلة ويلهيام سكيكرد الحاسبة، لذلك ناقش مبادئ محرك الحاسب في رسالة قام بإعدادها سنة 1822م . كانت محركات بابيج من أوائل الحاسبات الميكانيكية بالرغم من عدم اكتمالها بسبب عدم توفر الممولين ولقضايا شخصية متعلقة ببابيج، إلا أن بابيج أمر ببناء بعض المكائن التي تعمل على البخار والتي أنجزت بعض التقدم، فاقترح إمكانية الحساب ميكانيكياً، وبالرغم من ثقل مكائن بابيج إلا أن هندستها الإنشائية مشابهة جداً للحاسوب الجديد . كانت الجداول العددية في زمن بابيج تحسب عن طريق الإنسان، فيطلق على الشخص الذي يقوم بالحساب "الحاسوب"، وفي كامبردج رأى بابيج نسبة الخطأ العالية في العملية التي يقوم بها الإنسان، فبدأ عمله بحساب الجداول ميكانيكياً . كانت مكائنه مختلفة عن المكائن الأخرى في ذلك الوقت فهي مصممة لحساب سلسلة من القيم آلياً باستخدام طريقة الاختلاف المحدودة لتفادي الحاجة للضرب والقسمة . كان محركه الأول يحتوي على 25000جزء ويزن خمسة عشر طناً (حوالي 13.600جرام ) وطوله 2.4متر، وبعد ذلك صمم نسخة محسنة سماها بمحرك الاختلاف الثاني والذي لم يبنَ حتى تاريخ 1989- 1991م . وتوجد نسختان طبق الأصل من محركات الاختلاف لبابيج إحداها في متحف لندن للعلوم والأخرى لدى مليونير التقنية ناثان ميهرفولد . حصلت بعض المحاولات لإخفاق عمل محرك الاختلاف، مما دعا بابيج إلى تصميم مكينة أكثر تعقيداً وتدعى المحرك التحليلي، وهي نتاج تصاميم قام بها بابيج بتطويرها والعمل عليها حتى وفاته . وكان من المفترض أن تقوم هذه الماكينة بعدة مميزات استعملت فيما بعد في الحاسبات الحديثة . ساهم بابيج في مجالات أخرى غير الحساب الرياضي، ففي عام 1824م حاز على الميدالية الذهبية للمجتمع الفلكي الملكي لاختراعه محركاً لحساب الجداول الرياضية الفلكية . كما سميت بعض المنشآت التعليمية باسمه تقديراً لجهوده فهناك معهد تشارلز بابيج "أرشيف ومركز للبحوث والمعلومات التقنية "، ومدرج بابيج الكبير للمحاضرات في جامعة كامبردج . نشرت له عدة مطبوعات وكتب منها كتاب نُشر سنة 1864م بعنوان "مقاطع من حياة فيلسوف " . تزوج بابيج سنة 1814م ورُزق بثمانية أطفال لم يعش منهم غير ثلاثة . وفي سنة 1827م توفي والده وزوجته واثنان من أطفاله مما أثر بشكل كبير على مسيرته العلمية وتأخير بناء مكائنه . توفي سنة 1871م وعمره 79عاماً، دماغه محفوظ في متحف العلوم في لندن . أفنى هذا العالم والمخترع الغالي والنفيس في حياته ودفع جزءاً من ثروته في سبيل تطوير تصاميمه لكنه توفي دون إكمال آلته .