يطلق على آلن تورينج (Alan Turing) لقب "أبوعلوم الحاسب الحديثة"، فقد عاش والداه في الهند حيث كان أبوه عضواً في الخدمة المدنية الهندية، وعندما حملت به والدته أرادت أن يتربى مولودها في انجلترا لذلك ذهبت إلى لندن حيث ولد آلن سنة 1912م، ومنذ نعومة أظفاره ظهرت على تورينج علامات النبوغ والعبقرية. عندما بلغ السادسة سجله والداه في مدرسة إي سي تي مايكل النهارية وسرعان ما لاحظت مديرة المدرسة عبقريته المبكرة. في الواقع ميل تورينج الطبيعي وحبه للرياضيات والعلوم لم يكسباه التقدير من بعض المدرسين في مدرسته (تيسربورن - وهي مدرسة عامة ومشهورة وغالية) حيث كان التعليم فيها لا يختلف عن بقية المدارس التي تتبع الأسلوب التقليدي في التعليم، وهذا ما دعا مدير المدرسة إلى إبلاغ والدي تورينج أن مكوث الصبي في مثل هذه المدرسة العامة مضيعة لوقته إذا أراد أن يصبح أخصائي علوم وليس متعلماً فقط. وبالرغم من ذلك واصل تورينج إظهار قدراته البارزة في هذه المواد فاستطاع حل المسائل الصعبة والمتقدمة قبل أن يدرس عمليات التفاضل والتكامل، وفي عمر 16عاماً صادف تورينج آلبيرت آنشتاين واستنبط بعض المعلومات منه عن قوانين حركة نيوتن. كان عدم حرص تورينج واجتهاده في باقي المواد فيما عدا الرياضيات والعلوم سبباً لفقده بعثه للالتحاق بكلية الثالوث في كامبريدج، فالتحق بكلية الملك في كامبرديج وبعد تخرجه بسنة طلبت منه الكلية الالتحاق بها وذلك بسبب قوة أطروحته عن نظرية الحد المركزية، وفي ورقته بالغة الأهمية أعاد تورينج صياغة نتائج العالم كورت جووديل (Kurt G?del) الاصطلاحية العالمية بما يعرف حالياً بمكائن تورينج التي تتكون من أدوات بسيطة، حيث أثبت أن هذه المكينة باستطاعتها حل أي مشكلة رياضية معقولة إذا كانت قابلة للتمثيل كخوارزمية، وحتى يومنا هذا تُعد مكائن تورينج المصدر المركزي للدراسة في نظرية الحساب. وفي عام 1938م حصل تورينج على درجة الدكتوراه عن أطروحته التي كانت دراسة للمشاكل التي لا يمكن حلها من قبل ماكينة تورينج. وأثناء الحرب العالمية الثانية كان تورينج مشارك الرئيس في الجهود القائمة لفك الشفرات الألمانية وعمل لفترة من الزمن في القسم المسئول عن قراءة الإشارات البحرية الألمانية. وخلال تلك المدة صمم تورينج ماكينة من شأنها أن تفك الشفرات أسرع من ماكينة بومبا والتي أنشئت سنة 1932م، سميت ماكينة تورينج ب بومبي بعد التحسينات المقترحة من عالم الرياضيات ويلشمان وبذلك أصبحت هذه الماكينة من أهم الأدوات المستخدمة للهجوم على الممر الرئيسي للشرفات المحمية. ومن عام 1945م إلى 1947م عمل تورينج في المختبر الطبيعي الوطني حيث قام بتصميم ال ACE (محرك استعمال الحاسب الآلي) وهو التصميم الكامل الأول للبرنامج المخزون للحاسب في بريطانيا. أما في عام 1949م أصبح نائب مدير مختبر استعمال الحاسبات الحقيقة، كما عمل منذ عام 1952وحتى وفاته 1954م في علم الأحياء الرياضي. ومنذ عام 1966م تمنح جمعية بحوث الكمبيوتر (ACM) جائزة تورينج سنوياً لمشاركة الأفراد التقنية لمجتمع الحاسبات الآلية وهي جائزة موازية لجائزة نوبل، كما قامت جامعة الملك التي تخرج منها بإطلاق اسم "غرفة تورينج" على معمل الحاسب لديها، كما كتبت العديد من الروايات التي تناولت حياة هذا العالم، ليس هذا فحسب بل أصدرت دور السينما العالمية عام 1996م فيلم يعرض حياته وعنوان هذا الفيلم Breaking the code.