رغبات الطلاب والطالبات المتخرجين من المرحلة الثانوية قد لا تتحقق في الغالب.. وحينها قد يجدون أنفسهم مجبرين على دراسة تخصصات بعيدة كل البعد عن رغباتهم وميولهم هذا في حالة قبولهم في الجامعة.. فتطبيق معيار النسبة المئوية للطالب قد يحرم المئات من الطلاب من القبول في الجامعة أو التخصص المطلوب.. وقد يرمي بهم إلى مصير مجهول. أيام معدودة وتنتهي الاختبارات.. ثم تعلن نتائج الثانوية العامة ليستعد المجتمع للدخول في تلك الإشكاليات السنوية المزمنة والتي تبدأ بالقبول وتنتهي باختيار التخصص المناسب.. وقد يتحقق القبول لكن في تخصص لا يرغبه الطالب والطالبة مما يضطرهما للتسليم والرضا بالمقسوم "وعصفور باليد خير من عشرة على الشجرة" .. وقبل أن تطير الطيور بأرزاقها.. ويطير معها القبول والتخصص. معضلة قبول الطلاب دون النظر لرغباتهم قائمة ومستمرة ومنذ سنوات.. فطالب يرغب الطب يجد نفسه فجأة في العلوم.. وآخر يريد الحاسب يعثر على اسمه ضمن المقبولين في علم الاجتماع أو التاريخ أو الجغرافيا.. وهكذا.. ومثل هؤلاء الطلاب يتسرب السواد الأعظم منهم من الكليات ليضعوا أسرهم أمام خيارات أحلاها مرّ.. فإما أن يجلس الواحد منهم عاطلا في المنزل.. أو يكلف عائلته بالبحث له عن وظيفة وفي حالة العثور عليها لا يجد مناصا من الترحيب بها حتى ولو كان راتبها متدنيا.. أو تضطر الأسرة وخاصة إذا كانت ميسورة الحال لإرساله للدراسة في إحدى الدول المجاورة.. أو البعيدة.. المهم تحقيق رغبته في دراسة التخصص الذي يميل إليه. مالم تحل هذه الإشكالية عاجلا سنجد أنفسنا دون ريب قد خسرنا الكثير من شبابنا.. فطالب أو طالبة يرفض قبولهما في تخصص يرغبانه ويميلان إليه بحجج منها الطاقة الاستيعابية للقسم.. أو القبول عند نسبة معينة .. فهذا القسم قد أقفل عند99%.. والقسم الأخر اكتفى عند نسبة 98%.. والثالث الحد الأدنى للقبول فيه 96% .. إلى آخر القائمة من مبررات لن تكون مقنعة البتة لا لأولياء الأمور ولا لأبنائهم الطلاب والطالبات. الجامعات السعودية أمام تحد كبير يجدر بها أن تواجهه بكل قوة.. وتضع له الحلول المناسبة.. كي لا يدور الطلاب في نفس الدوامة السنوية.. ويفقد الوطن الغالي الكثير من طاقات أبنائه .. هذا التحدي يتمثل في السعي لتحقيق الموازنة بين رغبات الطلاب ومتطلبات التنمية.. بزيادة الطاقة الاستيعابية في التخصصات المرغوبة.. وتطبيق الاختبارات والمقاييس التي تساعد على تحديد التخصص الملائم لقدرات واستعدادات الطالب ويمكن الاستفادة مما يطبق في الجامعات العالمية. وبالامكان إنشاء معاهد أو كليات متوسطة ملحقة بالكليات الجامعية تسمح للطالب بدراسة التخصص فيها وعند تحقيق معدلات عالية يسمح له بمواصلة الدراسة الجامعية.. أما من أبطأ به معدله فيمنح شهادة الدبلوم التي تمكنه من الانخراط في سوق العمل أو الوظائف الحكومية .. المهم ألا نتسبب في إهدار هذه الطاقات ونحرمها من لذة مواصلة التعليم فيما ترغب به وتميل إليه.