كنتُ في مجلس بناتي؛ أمسكت كل فتاة فيهن بمرآتها وهي تنظر لوجهها بتأمل قائلة: لو (أنفي) يتعدل يصير شكلي حلو! والأخرى تريد غمازة والثالثة تريد فكاً أعرض.. والأخيرة تريد قص شفتها العليا!. كنتُ منبهرة سابقاً من درجة التشابه التي تظهر بها كثير من الفتيات اليوم، الملامح أصبحت متقاربة، المظهر الخارجي، تسريحة الشعر، أسلوب الحديث و(قائمة الكلمات) كلها واحدة!. كأننا في عملية استنساخ للجيل ليصبح أنموذجاً واحداً هو في عين الفتيات: الأجمل. يُذكرني هذا بقوالب الثلج التي تُملأ بالماء ثم توضع في الفريزر والناتج قوالب ثلج متشابهة مصقولة بمواصفات معينة و(جامدة جداً). فتياتنا اليوم يسعين لهذه القولبة بشكل مزعج.. فالجمال صارت له مواصفات محددة ترسمه دور الأزياء والسينما. إحداهن قالت لي صراحة إن دكتور الأسنان قال لها: هل تريدين ابتسامة كابتسامة فنانة هوليود (...)؟. وبالطبع صرخت الفتاة فرحة ووافقت على المضي في البحث عن ابتسامة الفنانة.. أي حياة جامدة تلك؟ حتى الملامح مشوهة ومعدّلة حسب مواصفات باردة وعلُيا.. أي جمال في التناسخ؟ وقتل الروح!. ما يحدث ليس بسيطاً، فالخليج صار سوقاً لعمليات التجميل، بل يمكن القول إن كثيراً من الوجوه التي تقابلنا هي وجوه اصطناعية بشكل أو بآخر.. (قوالب الثلج).. (الحياة المتجمدة) والمزعجة هي أكثر سيئات الإعلام اليوم الذي يسعى لجعل الناس كلهم وفق ذوق واحد!. يا فتياتي العزيزات.. يا أخواني الكرام.. إنّ الرضا الذي ننشده في حياتنا عامة يبدأ من رضانا عن أنفسنا، نحن نحتاج لبث هذه الروح فينا وفيمن هو قريب منا لئلا نفقد ملامح أحبابنا الشخصية!.