وأنت تعدّ جدولك اليومي – إن كنت تفعل ذلك – تذكّر أن تفسح فيه مكاناً ل«تويتر» و«فيسبوك»، نحن هنا لا نتحدث عن دقائق معدودة تستنفذ عادة في مكالمة هاتفية عاجلة تخفف من وطء الزحام في الشوارع، ولا عن نظرة خاطفة كتلك التي يُمسد بها جسد الرسائل النصية، وإنما عن ساعات تتقلب فيها بين أفكار الناس، ونبضاتهم، وتتفحص العبارات «الفائضة» من روح كاتبها، و«المُفضية» إلى أراوح أخرى تشبهها. الآن لم يعد «الصمت» مفهوماً، حتى أولئك الذين يتأرجحون بين الكلام ونقيضه، صار المسرح مهيئاً لهم ليتوقفوا عن السكوت، وينخرطوا مع «الجماعة»، جماعة «تويتر» و»فيسبوك»، وفي هذين الموقعين يمكن للبذرة أن تصبح حقل سنابل «في كل سنبلة مئة حبة»، وللقطرة أن تكون نهراً فراتاً سائغاً للشاربين. وفيهما أيضاً لا مكان للمكبلين بأغلال الرسمية، ولا المخنوقين داخل أقنعة بلاستيكية تفوح رائحتها من وراء جدر، ولا «كل مختال فخور»، وإنما ل«الحقيقيين» الذي يكتبون ما يريدون، وليس ما يريده المتصفحون. الوجوه الشابة تملأ الأمكنة، عدداً وعدة، صوتاً وصورة، لغة وروحاً، فكرة وفكراً، فإما أن تكون واحداً منهم، أو أن تعتزل المكان وتقرّ في بيتك. وهنا، في «الحياة»، إذ هذه الصفحة التي ما زالت «تُخلق»، نحاول جمع «الملامح الإلكترونية» في وجه واحد، يبادلنا النظرات «الطيبة» نفسها، ويقطّب حاجبيه كلما هدّه «الزعل»، ويدثرنا بابتسامة «خفيفة دم» إذا ما هزمنا «الحزن» وأعيتنا «كآبة المنظر».