كان الأسبوع الماضي أسبوعا جيدا لمشتري الدولار حيث تمكن الدولار من الارتفاع بمقدار 130نقطة امام اليورو اعتماداً على البيانات الاقتصادية الايجابية المفاجئة والتي تتضمن طلبيات السلع المعمرة ومبيعات المنازل الجديدة ومؤشر مديري المشتريات من شيكاغو، والتي جاءت جميعها أفضل من التوقعات. وبالنسبة لبائعي الدولار الذي يضاربون على انهيار الاقتصاد الأمريكي، كان الأسبوع الماضي تجربة محبطة للآمال، حيث أشارت كل الدلائل على أن معدل النمو قد يتراجع ولكنه لن يتوقف تماماً. وكما ذكرنا مسبقا: "سيظل المحدد الرئيسي لاتجاه الدولار هو وضع المستهلك الأمريكي. إن استمرت اسعار البنزين فوق 4دولارات للجالون، فسيكون من الصعب تخيل اي سيناريوهات غير الركود في الاقتصاد الأمريكي وذلك مع دخول النصف الثاني من العام". ويعتبر التوظيف هو أكبر عامل يقود ثقة المستهلك. ولهذا السبب من المحتمل بدرجة كبيرة أن يسيطر على تداول العملة هذا الأسبوع التركيز على تقرير التوظيف الأمريكي بغير القطاع الزراعي المقرر الإعلان عنه يوم السادس من يونيو الساعة 3012بتوقيت جرينتش. يتوقع السوق شهرا خامسا على التوالي من خسائر الوظائف، ولكن من المحتمل أن يكون المقياس الحقيقي لضعف الدولار أو قوته هو مدى تضاعف هذه الخسائر. إن جاء هذا التقرير بخسائر تزيد عن 100ألف، فقد تسيطر فكرة الركود على طاولات التداول سريعاً في سوق العملات الأجنبية، وقد يبدأ السوق في وضع احتمالات بأن يدخل البنك الفيدرالي في مزيد من دورات تسهيل السياسة النقدية. خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأت أسعار السندات الأمريكية للعشر سنوات في الارتفاع وذلك بسبب تزايد القلق بشأن الأزمة الائتمانية، مما قدم دعماً بدوره الى الدولار الأمريكي، ولكن هذا السيناريو سوف ينعكس سريعاً إن ظهر ركود كبير في قطاع العمل. يجد اليورو/ دولار طريقه الآن في منتصف مجال التداول الذي كان يتحرك فيه مؤخراً عند 1.60-1.50، وقد يبقى داخل هذا المجال في الوقت الحالي، إلا إذا اشارت البيانات الأمريكية إلى بداية اتجاه هبوطي جديد. سوف يستمر ارتفاع الدولار إن شهدنا مفاجآت صعودية إضافية هذا الأسبوع، وغان حدث ما هو خلاف ذلك فمن المحتمل استمرار أوضاع التداول المتقلبة. كانت الأخبار عن منطقة اليورو الأسبوع الماضي ذات عناوين عنيفة، مثل "منطقة اليورو تسجل أسوأ عجز في الميزان التجاري خلال عقد من الزمان"، و"اليورو يخضع بسبب تدهور ثقة المستهلك" و"انخفاض اليورو إلى ما دون مستوى 1.5500بعد تراجع مبيعات التجزئة الألمانية". وباختصار، كان من الصعب أن يكون الأسبوع الماضي أسبوعا جيدا لشراء اليورو حيث استمرت البيانات الاقتصادية الصادرة عن منطقة اليورو في التدهور يوما بعد يوم، مما يدل على أن التباطؤ في النشاط الاقتصادي والذي كان متوقعا منذ فترة طويلة كان سببه ارتفاع اسعار الصرف. وقد ذكرنا يوم الخميس: "لا تزال الصورة الاقتصادية لمنطقة اليورو متضاربة حيث يستمر الاقتصاد في التوسع بخطى معتدلة إلا أن الإشارات التحذيرية بشأن ارتفاع سعر الصرف وارتفاع تكاليف الطاقة قد تفرض ضريبة حقيقية على معدل النمو في النصف الثاني من عام 2008.ويظهر من خلال الوضع الحالي في اقتصاد منطقة اليورو أنه لا توجد فرصة لرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة في النصف الثاني من هذا العام وهذا من شأنه أن يثبط من أي احتمالات بارتفاع اليورو". وعلى الرغم من الصعوبات خلال الأسبوع الماضي، قد يكون هذا الأسبوع أكثر إيجابية لمشتري اليورو. فمن المتوقع ان تسجل أغلب البيانات في المنطقة نتائج ايجابية، وخاصةً مؤشر اسعار المنتجين والذي من المتوقع ارتفاعه الى 6.1% من 5.7%. إن استمرت مؤشرات الأسعار في الارتفاع، فسوف يحافظ ذلك على موقف البنك المركزي الأوروبي كما هو من السياسة النقدية، بينما يواجه البنك الفيدرالي على الناحية الأخرى من الأطلنطي احتمالا غير مستساغ بقطع سعر الفائدة أكثر إن جاءت صورة العمل بمزيد من التدهور. شهدت اليابان تدهورا اضافيا في الصورة الاقتصادية حيث جاءت البيانات الاقتصادية محبطة للآمال خلال الأسبوع الماضي. فقد تراجعت مبيعات التجزئة لشهر أبريل إلى 0.1% من 0.5%، بينما انخفض معدل إنفاق الأسر بنسبة 2.7% في أبريل، وهو أدنى مستوى خلال 19شهرا. على الرغم من تراجع مؤشر اسعار المستهلك الى 1.0% في ابريل من 1.2%، إلا أن مؤشر اسعار المستهلك من طوكيو باستثناء الغذاء الطازج شهد تسارعا الى 0.9% من 0.7%. في الوقت ذاته، ارتفع معدل البطالة الى اعلى مستوى خلال سبعة أشهر عند 4% من 3.9%، وتراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 0.3% في أبريل. وتسببب ارتفاع التضخم بالقرب من أعلى مستوى له خلال عقد من الزمان في تضاؤل القوة الشرائية للمستهلك. كما استمر معدل النمو في التباطؤ وبدأ سوق العمل في الضعف، وبالتالي يجد البنك الياباني نفسه في موقف صعب حيث لا يوجد أمامه مساحة كافية لتغيير سعر الفائدة عن 0.50%. يراقب البنك الياباني تزايد الأسعار في النفط والغذاء لأن الضغوط التضخمية كبيرة. وقد يفكر البنك المركزي في رفع سعر الفائدة لمحاربة ارتفاع الأسعار إلا أن معدل النمو مستمر في التباطؤ، مما يجعل من الصعب على البنك المركزي توظيف ميله لرفع الفائدة. شهد رجال الصناعة تراجعا في الطلبيات الجديدة خلال الأربعة اشهر الماضية، ويتوقعون تباطؤ الطلب على السيارات والإلكترونيات خلال الربع التالي من العام بسبب تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وضعف الدولار ،واللذان يتسببان في تقلص الطلب على السلع اليابانية. عاد تجار الشراء بالاقتراض إلى السوق الأسبوع الماضي، وتسببت الرغبة في المخاطرة في تعرض الين للبيع المكثف. سجلت الأسهم ارتفاعا ثابتا خلال الأسبوع وذلك في اغلب المؤشرات الأساسية. وكان المستثمرون قد اقترضوا أموالا من اليابان والتي تعتر سعر الفائدة فيها هي الأقل بين الدول الصناعية العشرة، حيث تبلغ 0.50%؛ ثم قاموا ببيع العملة مقابل عملات أخرى للاستمرار في الأصول ذات العوائد الأعلى. من المتوقع أن يبقى الين تحت رحمة رياح الرغبة في المخاطرة خلال هذا الاسبوع، حيث لا يوجد الكثير من البيانات الاقتصادية. من المتوقع تراجع أجور العمل مما سيؤثر على استهلاك المستهلك في المستقبل، ولكن قد لا يكون لذلك تأثير ذو معنى على حركة السعر. لم يفعل الباوند البريطاني الأسبوع الماضي أكثر من التماسك عند أعلى المستويات امام الدولار، حيث جاءت البيانات البريطانية متضاربة. ففي الوقت الذي ارتفعت فيه الموافقات على قروض الرهن العقاري الى 38.704في أبريل من 35.546في مارس -وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر 1997- ظل هذا المستوى أقل مما كان عليه في نفس الوقت من العام الماضي بنسبة 40% تقريباً. ومن الواضح ان صرامة معايير الاقتراض وضعف ثقة المستهلك يفرضان ضريبة على القطاع العقاري البريطاني، مما سيضيف ضغطا على أسعار العقارات. في الحقيقة، تراجع مؤشر اسعار المنازل من ناشون وايد بنسبة 2.5% خلال مايو- وهو أكبر انخفاض منذ 1991- بينما تراجعت الأسعار بنسبة 4.4% عما كانت عليه في العام السابق. فقد تسببت صرامة المعايير الخاصة بالاقتراض في إضعاف الطلب على العقارات والقروض العقارية، مما جعل القطاع العقاري البريطاني بمثابة نقطة الضعف في الاقتصاد البريطاني. خلال هذا الأسبوع، من المتوقع ان تستمر البيانات البريطانية في عكس الضعف في السوق العقاري والصناعي وقطاع الخدمات.ومن المتوقع ان يترك البنك البريطاني سعر الفائدة بدون تغيير عن 5% يوم الخميس المقبل وذلك للشهر الثاني على التوالي، حيث يمنع ارتفاع الضغوط التضخمية لجنة السياسة النقدية من التركيز على ضيق الأوضاع الائتمانية وانهيار السوق العقاري. ونظراً لأنه من المتوقع ان تترك لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة بدون تغيير، فمن غير المتوقع ان يصدر بيان بعد الاعلان عن القرار، مما سيجل رد فعل السوق تجاه الخبر ضعيفاً. على الرغم من ذلك، إن جاءت المؤشرات الاقتصادية البريطانية في بداية هذا الأسبوع محبطة للآمال، وألقت بعبئها على الباوند، فقد ترتفع هذه العملة في الحقيقة بعد الاعلان عن قرار سعر الفائدة يوم الخميس. @ محلل مالي